تحول الانسان الى خنزير

لا يجد الكثير من المتناقشين البريطانيين نقطة تحول الانسان الى خنزير، وهم يتوقفون بذهول عند المجزرة المروعة التي ارتكبها شاب من اصل ليبي في ملعب يشارك فيه عشرات الالوف من الشباب في حفل موسيقي، ويوقع قتلى وجرحى بالعشرات، وهناك الكثيرون منهم يتمسكون بالرأي (المريح لهم) الذي يذهب الى ان الجاني فاقد العقل، فليس لدى هؤلاء أي استعداد لقبول فكرة ان ثمة عقيدة دينية او سياسية تبيح حصد الارواح البريئة من الفتيان، ممن لا تعنيهم السياسة والصراعات وشؤون العقائد والاختلافات بين البشر.
وحين يتابع المواطن البريطاني المعلومات عن الجاني الذي ينحدر من عائلة لاذت بهذه البلاد من جور حكام بلادها وحظيت بالرعاية والاحترام وضمانات العيش فأن ذلك يربك معايير نظرته الى انقلاب الانسان على مضيفه، بهذه النذالة وانعدام احترام الجميل، وهذا لا يشمل حق الضيف في رفض سياسة البلاد او معارضتها بالاشكال المتاحة بمافيها العصيانات المدنية.
لقد اصاب الارتباك الكثيرين وصعب عليهم، في اجواء الصدمة والذهول، التفاعل مع التهمة الرائجة ضد «التطرف الاسلامي» كخلفية لارتكاب مثل هذه المجازر، وصارت وسائل النشر تبحث عن الحلقة التي ينتقل فيها الانسان الى حيوان متوحش، وثمة محللون دخلوا تفاصيل «العقيدة الجهادية» الغاشمة من دون طائل فانهم ينتهون في افضل الاحوال عند موضوعة صراع الحضارات، وهي موضوعة تثير التباسات فوق الالتباسات التي تعم المناقشات، في حين بقيت النقطة ذات العلاقة بتأثير «التطرف» على سلوك الانسان وبخاصة حين يصاحب هذا التطرف كراهية جامحة لاحدود لمحمولها من الحقد على ما يُعتقد انهم «أعداء»، وشفاء الغليل بمنظر القتل الجماعي بهم من دون تمييز، ومن ثم يزداد الالتباس حين يقال ان السفاح يسعى بذلك ان يتقرب من الرب وينال عن جريمته «الثواب» وهو دخوله الجنة.
وحسنا فعل النائب في مجلس العموم البريطاني العراقي الاصل «ناظم زهاوي» حين نشر انتباهة تؤكد انه مثل حال السفاح الليبي الاصل ولد في بريطانيا وعمل واصبح نائباً ولم ينحرف الى ما انحرف له ذلك السفاح الذي حولته العقيدة المتطرفة الى خنزير، لكن الاكثر هولا بالنسبة للبريطانيين (وانا لا اتحدث عن السياسيين) هو اكتشافهم ان ثمة عددا من ابناء المهاجرين المسلمين ركبوا مركب الخنزير الليبي، وهم مثله يعدون لهجمات تطال عابري السبيل بالجملة، بوصفها جسوراً الى الجنة، وعبادة جديدة.. لمعبود يثيب اتباعه بقدر الارواح التي يزهقون.
*********
ابو حامد الغزالي:
«أشد الناس حماقة أقواهم اعتقاداً في فضل نفسه».
عبدالمنعم الأعسم

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة