بغداد – ليلى شامجي:
في ظل حربه ضد الإرهاب، فللعراق الحق في ان يفخر بمشهد ثقافي، ومعبر، ونابض بالحياة. إنه هذا الحيز من الحياة، الذي يجمع الناس من شتى مناحي الحياة، بصرف النظر عن عمرهم، أو عقيدتهم، أو لونهم، أو عرقهم، أو جنسهم، بروح التوحد، روح مفعمة بالحياة تربطهم ببعضهم ليتذوقوا السلام والفرح والراحة والسكينة التي يغمر الفن بها مخيلة الإنسان.
معرض “الفن للسلام” في بغداد الذي نظمته بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق “يونامي”، وبمشاركة لجنة المصالحة الوطنية في رئاسة الوزراء، والذي اقيم في باحة المركز الثقافي البغدادي الواقع في قلب شارع المتنبي جسد تلك المفاهيم خير تجسيد.
وعرض فيه ما يزيد على 70 لوحةً، ورسماً كاريكاتيرياً، وصورةً فتوغرافية من نتاج فنانين عراقيين. وقد أُوكِل إلى الرسامين، والمصورين، ورسامي الكاريكاتير، الذين شاركوا في مشروع الفن للسلام، “وهو الأول من نوعه” أن يقدموا أعمالاً تجسد رسالتهم الداعية إلى التعايش السلمي، والألفة، وتجسد المصالحة، والأمل.
وأكد نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية والانتخابية السيد جورجي بوستين، على أهمية الفن في نشر رسائل السلام، والمصالحة، والتسامح، والتعايش، قائلاً: “إن هذه المساعي التي يقوم بها فنانون ورسامو كاريكاتير، ورسامون، ومصورون فوتوغرافيون عراقيون موهوبون، تسمو على الاختلافات العرقية والطائفية، وتشكل حجر الأساس لمصالحة وطنية جامعة، من شأنها أن تؤدي الى الاستقرار والرخاء لكل العراقيين.”
ويقضي رائد حسن، وهو رسام كاريكاتير عراقي شاب، وقته في رسم صور واقعية ومؤثرة، لكنها تحمل رسائل واضحة، وأشار الى واحدة من صوره يظهر فيها طابور طويل من الأشخاص، وإن كان معظمهم من الرجال، بدا عليهم اليأس، ونقشت عليها كلمة “السلام” ناتئة من داخل رأس أول شخص في الطابور. ويبدي السيد رائد حسن تعلقاً كبيراً بهذا العمل، وبسؤاله عن السبب، يقول ببساطة: “دقق في الكاريكاتير بعناية وشاهد بساطة فكرته، كل ما نحتاجه في العراق هو أن يحقن الجميع فكرة السلام في عقولهم، ليتخلصوا من جميع الشرور، والمفاهيم المؤذية، وبهذا نطهّر عقولنا وقلوبنا، ونتيح للسلام فسحة كي يتغلغل في كل عرق، وعظم في أجسادنا”. ويضيف متسائلاً: “ما الذي يمكن أن يكون أبلغ من ذلك؟”
وفي حين انحسرت غيوم الشتاء عن سماء صافية زرقاء مشمسة، تداخلت الالوان بسلاسة على اللوحات الزيتية في المعرض تحت دفء أشعة الشمس.
ووقف محمد مسيِّر بصبر بجانب رسوماته، والتي تصور العديد منها أفكاره بشأن المصالحة بين جميع العراقيين. وصورت إحدى لوحاته البارزة تسامح الاديان، ويقول عنها محمد “إن الإيمان ليس له وجه، ولذا فإن السيدة في لوحتي ليس لها وجه. فيمكن ان تمثل الإسلام من خلال العباءة التي تتزين بها، ويمكن أن تروي لنا قصة المسيحية من خلال الصليب المقدس المرسوم على وجهها. وفي الخلفية، هناك أماكن عبادة لكلا الديانتين، مفتوحة ومُرحِّبة بكل من يختار الوحدة، والعيش بسلام، وكرامة، وانسجام”.
ومم المقرر ان تشهد أكثر من محافظة افتتاح للمعرض ذاته، حيث سيقوم معرض “الفن للسلام” المتنقل طيلة شهري آذار ونيسان 2017 بجولة تشمل المحافظات العراقية التالية: بابل، وكربلاء، وذي قار، وميسان، والبصرة، وديالى، وصلاح الدين، وأربيل.
معرض “الفن للسلام” في بغداد.. إعلان عن السلام والمصالحة والأمل
التعليقات مغلقة