قال ممثل كتلة سياسية، قبل يومين ومن على شاشة احدى الفضائيات، ان رئيس الوزراء حيدر العبادي «ضعيف» في اجراءات الاصلاح وتحسين إداء الحكومة، ومثل هذا الكلام سمعناه من شركاء في الحكومة وذوي نفوذ في البرلمان، الامر الذي دعا مقدم برنامج الحوار ان يقطع الحديث بالاعتراض: «سيدي كتلتكم انتم التي عرقلت اجراءات الاصلاح ووقفت ضد قرارات العبادي».
اقول، ان للمواطن حقاً ومبرراً في عدم الرضا حيال إداء الحكومة، وقد يذهب الى اعتبار رئيس الحكومة حيدر العبادي ضعيفاً في الحد من سطوة وفساد رموز احزاب السلطة وفي اتخاذ القرارات ذات الصلة بتأمين الخدمات، وربما تصل شكواه الى نوع من الخيبة وهو يواجه الابواب موصدة امامه للحصول على فرصة للعمل والتوظيف من دون دعم جهة متنفذة، أو «واسطة» من وزن معيّن، فيما يقرأ ويسمع عن تعيينات في هذه الدائرة أوتلك لأتباع احزاب السلطة وزعاماتها وفي مرافق دولة كأن التعيين فيها صار حكراً على مواطنين «من الدرجة الاولى» وتُنشر وقائعها الفاضحة بالقرب من «مجسات» الحكومة نفسها.
ومن حق المواطن الّا يدقق في معايير الضعف والقوة في إداء صاحب القرار، فان معياره الوحيد يتمثل في ما يدخل في حسابات معيشته وكرامته ومهددات الدائرة التي تحيط مصالحه وحقوقه، وهو في هذا (كأمربديهي) لا يضع نفسه في مقام اصحاب الشأن والمسؤوليات عندما يتعلق الامر بالتحديات التي تواجهها البلاد ، وليس مطلوباً منه ان يتقبل العقيدة القائمة على ان للمـُوالي والمنتمي والقريب اولوية في الحظوظ والثروة والفُرَص، ولا أن يعطي لصاحب السلطة مبرر ان لا ينتصر للحق البائن بذريعة ما، حتى وإنْ كانت دستورية أو اقتضاء المشغولية بقضايا أهم.
اقول، اذا كان للمواطن حق اللوم والعتاب في مثل هذه الاحوال التي تضيّق على حياته، فما هو الحق الذي يتمتع به سياسي نافذ يمسك جزءا من معادلة الحكم ليقول ان رئيس الوزراء لم يواصل اجراءات الاصلاح، وأنه «ضعيف» في «التصدي للفساد».
ان معايير القوة والضعف، في علم السياسة، يجري تعيينها في التجربة والنتائج، من جهة، ومن خلال رجاحة وصواب وتوقيت القرارات من جهة ثانيةَ، وفي ما مضى جاءتنا الكوارث من «أقوياء» حكموا البلاد وأضاعوها، في سوء المنظورات، وعقم النظر.
محمود درويش:
«صرنا أنا والغريب على ابن عمِّي. وأنا وابن عمِّي على أَخي».
عبدالمنعم الأعسم