سلام مكي
انتشر مصطلح الاعلام الهابط، عقب الحملة التي قادتها الأجهزة المختصة في مجلس القضاء الأعلى ووزارة الداخلية، لمكافحة ظاهرة الظهور الاعلامي لعدد من الأشخاص على منصات الميديا وهم يقومون بحركات وأفعال غير لائقة ويتلفظون بألفاظ خارجة عن السياقات والذوق العام للمجتمع العراقي، إضافة الى حالات أخرى، مثّلت تحديا للمجتمع وأخلاقياته، كظهور بعض الفتيات بملابس فاضحة والتلفظ بألفاظ خادشة للحياء. فبعد الانفجار الاعلامي الهائل على يد مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أداة لنشر التفاهات والفكر السطحي، وحتى الأفكار المنحرفة التي لا تتفق مع قيم المجتمع العراقي الأصلية، والدعوة لإشاعة الثقافات الدخيلة على العراقيين، عبر تبني أفكار هدامة، هدفها تفكيك بنية المجتمع، والقضاء على ما تبقى من ذاكرته الجمعية القائمة على الأخلاق والعدالة والسمو الروحي والفكري. لقد تم استغلال المساحة الواسعة للحرية والقدرة على التعبير عن الرأي بدون حواجز ولا عوائق، مع غياب تام للرقابة العائلية، وفقدان التلاحم الأسري، بل وصل الحال الى تشجيع بعض الأهل لبناتهم وأبنائهم على الظهور في تلك المواقع، مع الحرية المطلقة لهم في قول ولبس ما يشاؤون، والسبب هو الانتشار الواسع والسريع أو ما يسمونه بـ ” الطشّة” مع ما يحصلون عليه من مبالغ مالية كلما ازداد عدد المتابعين لهم. ذلك الانتشار الواسع والمخيف لهؤلاء، مع غياب شبه تام للفاعل الثقافي الرصين، وعدم وجود صانع محتوى هادف يملك ذات التأثير الذي يملكه أصحاب المحتوى الهابط، فقد شاهدنا كمية التأثر بما ينشر عبر تلك المواقع، خصوصا من الأطفال والمراهقين الذين، أصبح همهم الوحيد هو تقليد ما يشاهدونه على الفيس بوك والانستغرام… بدلا من الاهتمام بالدراسة والتفوق العلمي والأكاديمي، خصوصا وأنهم يشاهدون كيف يتنعم أصحاب تلك المواقع بالمال والثراء والوجاهة والاهتمام الكبير من قبل الجمهور، مقابل الاهمال الكبير الذي يعانيه الخريجون، من انعدام فرص التعيين، والبطالة المنتشرة بينهم، وما يتعرض له أصحاب الفكر الهادف من إهمال واضح من قبل الدولة والمجتمع على حد سواء. كل تلك الأمور دفعت الدولة عبر أجهزتها الرسمية الى محاربة ذلك التوجه الاعلامي المشوه والطارئ عن المجتمع العراقي، عبر الوسائل القانونية المتاحة والمتمثلة بالنصوص القانونية الموجودة في قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، مع ما تملكه وزارة الداخلية من سلطة قانونية في محاربة أي حالة أو ظاهرة سلبية يشهدها المجتمع. والمفارقة أن العراق يحارب ظاهرة اقترن وجودها بالتطور التقني والتكنلوجي واتساع رقعة التأثير المباشر لوسائل التواصل الاجتماعي واحتلالها مساحات واسعة من الاهتمام والاشتغال الجمعي للأفراد، يحاربها بالمادة 403 من قانون العقوبات التي تم تشريعها عام 1969 والتي تنص: أحكام المادة 403 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل التي نصت (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تقل عن مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو استورد أو أصدر أو حاز أو احرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع كتاباً أو مطبوعات أو كتابات أخرى أو رسوماً أو صوراً أو أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالحياء أو الآداب العامة ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أعلن عن شيء من ذلك أو عرضه على أنظار الجمهور أو باعه أو أجره أو عرضه للبيع أو الإيجار ولو في غير علانية وكل من وزعه أو سلمه للتوزيع بأي وسيلة كانت وتعتبر ظرفاً مشدداً إذا ارتكبت الجريمة بقصد إفساد الأخلاق)! القضاء أصدر الكثير من الأحكام بحق من يمارس المحتوى الهابط، وكان الهدف من تلك الأحكام هو الردع والزجر، أي ردع الآخرين من ممارسة تلك الأفعال، والسعي لإنهاء هذه الظاهرة، لكن ما يحصل أن بمجرد صدور حكم ضد مدان بتلك الأفعال، حتى تضج وسائل التواصل الاجتماعي بالخبر! فهم يستضيفونهم في بعض الأحيان، ويجعلون منهم ” ترندا” إذ يعمد بعض مقدمي البرامج الى طرح أسئلة استفزازية لهم لكي يحصل على مزيد من المشاهدات. أما حين يحكم عليهم بالحبس أو أي حكم آخر، فمنذ اللحظات الأولى لصدور الحكم، تسارع الفضائيات والكثير من المواقع الالكترونية حتى الرصينة منها الى نشر خبر الحكم القضائي!
المحتوى الهابط.. تحدٍ لقيم المجتمع والاعلام شريك في إشاعته
التعليقات مغلقة