وداد إبراهيم
علينا ألا نستهين أو نقلل من أهمية عطلة نصف العام، ونعتبرها أيامًا قليلة، أسبوعين فقط. فاليوم طويل، وبإمكان الإنسان أن ينجز فيه الكثير من الأمور، ويمكن أن ينال منه الفائدة القصوى أو يشعر بالملل والضجر الكبيرين إذا لم يعرف الطريقة المثلى التي يقضي بها أيام العطلة التي كنا نسميها “العطلة الربيعية”
هكذا تحدث إلينا أبو عماد، وهو أب لثلاثة أولاد في المدرسة، وهم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة.
وأكمل: “كنا نسميها العطلة الربيعية، علماً أنها تسبق الربيع. وكنا نقضي أيامها في دورات، إما في الرسم أو الرياضة، أو بالانضمام إلى فرق في المنطقة مثل فرق كرة السلة أو الطائرة أو كرة القدم، أو ندخل في دورات للموسيقى. وكانت إدارة المدرسة تشجعنا على استغلال أيام العطلة”.
تعد العطلة المدرسية فترة مريحة ينتظرها الطلاب بفارغ الصبر، فهي فرصة للابتعاد عن روتين الدراسة والمذاكرة. ولكن، في ظل التوسع السريع لمواقع التواصل الاجتماعي وارتفاع استخدامها، أصبح السؤال الأبرز: هل يقضي الطلاب عطلتهم بشكل مختلف عن السابق؟ وهل أصبحت وسائل التواصل هي الوجهة الأساسية في حياتهم اليومية؟
إيمان عبد، موظفة وأم لطفلين، تقول: “في الماضي، كانت العطلة المدرسية بالنسبة للطلاب فرصة للانغماس في الأنشطة الاجتماعية، مثل اللعب مع الأصدقاء في الهواء الطلق، والذهاب في رحلات أسرية، أو الانضمام إلى برامج صيفية تعليمية أو رياضية. كانت هذه الأنشطة تمثل وسيلة لتقوية الروابط الاجتماعية، وتعزيز المهارات البدنية والفكرية”.
لكن مع تطور وسائل التكنولوجيا وتفشي الإنترنت، تغيرت الأنماط السلوكية لدى الطلاب في فترات الراحة. أصبح من الشائع أن يقضي العديد منهم ساعات طويلة على منصات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، وسناب شات. هذه الشبكات توفر لهم فرصًا للتواصل مع أصدقائهم، استكشاف المحتوى الترفيهي، والانخراط في تحديات ومنافسات رقمية، مما أدى إلى تحول في طريقة قضاء أوقات الفراغ.
منان سلام، طالب في الصف السادس الإعدادي، يقول: “على الرغم من أن منصات التواصل الاجتماعي توفر وسيلة ممتعة للبقاء على اتصال مع الأصدقاء ومتابعة أخبار العالم، فإن لها تأثيرات سلبية قد تشمل العزلة الاجتماعية، وتراجع الاهتمام بالأنشطة الحركية والفكرية التي كانت شائعة في العطلات الماضية. كما أن الضغط الاجتماعي على الطلاب من خلال مقارنة حياتهم بحياة الآخرين على الإنترنت قد يؤدي إلى مشاعر القلق والاكتئاب”.
من جهة أخرى، بدأت بعض المواقع الاجتماعية توفر فرصًا تعليمية أيضًا. فهناك منصات تقدم محتوى تعليميًا تفاعليًا يتيح للطلاب تعلم مهارات جديدة أو استكمال دراستهم بطريقة مبتكرة. وقد بدأ بعض المعلمين والأكاديميين استغلال العطلات الصيفية لتنظيم ورش عمل أو دورات تعليمية عبر الإنترنت.
رغم الطغيان الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي على أوقات فراغ الطلاب، لا يزال بالإمكان إيجاد توازن بين الاستفادة من هذه المنصات والتمتع بأنشطة ترفيهية حقيقية. المفتاح يكمن في كيفية إدارة الوقت وتوجيه الاهتمام نحو ما يفيد الجوانب النفسية والجسدية والعقلية للطلاب.
تغيرت الأنماط السلوكية لدى الطلاب في العطل يقضي العديد منهم ساعات طويلة على منصات التواصل
التعليقات مغلقة