-1-
قد لا نعثر على من مارس النقد الذاتي وباح بأسراره وما اجترحه من ذنوب الاّ قليلاً ، حيث أنَّ الشائع ركوب موجة الادعاءات العريضة بكل ما تتضمنه من أوصاف ومناقب وان كانت على حساب الحقيقة ، ارضاءً لحُبّ الذات وتشدقا بمزاياها وسجاياها ..!!
-2-
غير أنَّ بعض النفوس تأبى الكذب والخداع وتمارس عملية جَلْد الذات معترفة بِمَا جَنَتْهُ في مساراتها الملتوية.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك قول الشاعر:
هويتُ المعاصي جُلَّها وحقيرَها
بِهَا فُقْتُ مَنْ بَعْدِي ومَنْ كان مِنْ قَبْلِي
فهو يعترف بانه يهوى المعاصي صغيرها وكبيرها بلا استثناء، ولا يختص بنمط معيّن منها ، وحين يكون بهذه المثابة يُدرك انه فاق من سَبَقَهُ ومن سيأتي بَعْده، لأنَّ اولئك لا يُغرمون بكل المعاصي ولا يهيمون بها .
والسؤال الآن :
هل تقف المسألة عند هذا الحد ؟
أم أنَّ هذه القراءة للذات تكشف عن صحوة روحية واخلاقية تحملها على مراجعة الحسابات والمبادرة الى توبة نصوح خالصة من الشوائب ؟
انّنا جميعا لسنا معصومين من الزلل والانزلاق الى مهاوي التضييع للحدود والأحكام ، ولكن الذين لا يتركون الحبل على الغارب يُدركون وجوب مراقبة انفسهم ومحاسبتها ، ومتى تم ذلك سارعوا الى الاستغفار والتوبة، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له – كما جاء في الخبر – .
-3 –
أين هذا ممن يعترفُ بالفشل من السياسيين العراقيين ولكنّه بدلاً من الاعتذار من الشعب العراقي عمّا ارتكبه وجناه من خطايا وأخطاء ، يعمل بكّل قوّة للعودة الى المراكز السلطوية العليا لتبدأ دورة جديدة من الفشل..!!
-4 –
وإنْ سألتني عن إسم هذا الشاعر قلت لك :
انه عبد الرحمن بن حسن المعروف بابن الامين ” ت 887هـ
وكان مشهوراً بحسن الخَطّ وهو القائل:
إنْ فُقْتُ بالخَطِّ ياقوتاً فلا عَجَبٌ
هذا وفي الشعرِ قد أصبحتُ كالطائي
وانما أنا محتاجٌ لواحدةٍ
لِنَقْل نقطةِ حَرْفِ الخاءِ للطاءِ
ان النقطة في الخط فوق الخاء بينما النقطة في الحظ فوق الظاء، وهو يتمنى أنْ تنقل النقطة من الخط الى الحظ ..
-5-
وهناك من يلهج بالدعاء قائلا :
” اللهم ارزقني حظاً يخدمني به ذوو العقول “
لان ذوي الحظوظ مخدومون من قبل مَنْ يفوقهم علماً وفهما ومهارة وتدبيرا …
-6-
وليس صحيحا ان يكون التعويل على الحظ ،
ولابُدَّ من التعويل على سلامة النفس ، وطهارة السريرة، ومواصلة الكدح من اجل الوصول الى شواطئ الامان والاستقرار، حيث ليس للانسان الاّ ما سعى .
حسين الصدر