الصباح الجديد – وكالات:
حالة إبداعية مختلفة لمخرجين قرروا توثيق القضية الفلسطينية ومعاناة الشعب من الاحتلال الإسرائيلي باستخدام أفلام الرسوم المتحركة، فاستطاع عدد من صناع تلك الأفلام تقديم أعمال تحمل هموم المواطن الفلسطيني وتكشف عن المآسي التي يعيشها الفلسطينيون والمجازر التي يقوم بها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، وتؤكد هوية فلسطين والمقاومة.
استعمل المخرج الفلسطيني خليل المزين قصة اقتلاع «خيال الحقل» أو الفزاعة من الأرض التي يحرسها، كقصة رمزية لمعاناة اللاجئ الفلسطيني، في فيلمه «خيال الحقل» الذي أنتج عام 2013، ويعدّ من أوائل أفلام الرسوم المتحركة «ثلاثية الأبعاد» التي نُفّذت في فلسطين، فبطلة الفيلم الطفلة الصغيرة «ريما» بعد أن تفقد والديها في حادث سير على الحدود الفلسطينية ترتبط بخيال الحقل الذي صنعه لها والدها، وبعد اقتلاع جندي إسرائيلي له تبدأ مع أصدقائها رحلة البحث عنه.
وحاول مخرج الفيلم الذي كتب السيناريو أيضا أن يبتعد عن الصورة النمطية للطفل الفلسطيني الذي تظهره الأخبار والأفلام وسط الدمار والخراب، فاختار أن يسلط الضوء على أحلام الأطفال مهما بدت بسيطة، وكيف يستغل الاحتلال براءة الأطفال، وأن يرسخ أيضا الهوية الفلسطينية من خلال أحداث الفيلم ومدتها 40 دقيقة. والفيلم إنتاج وحدة «زيتون» للرسوم المتحركة، التابعة للكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة.
وبين تاريخ النكبة الفلسطينية في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، ومحطات متعددة في القضية الفلسطينية وأزمة اللاجئين لأجيال متعاقبة تدور أحداث فيلم الرسوم المتحركة «البرج» 2018، وهو إنتاج فرنسي سويدي نرويجي مشترك للمخرج النرويجي ماتس جرورد الذي اختار مخيم برج البراجنة في لبنان الذي يعيش فيه اللاجئون الفلسطينيون.
تظن بطلة الفيلم «وردي» في بداية الأحداث أن جدها فقد الأمل في العودة إلى وطنه إذ يقرر إعطاءها مفتاح الدار في فلسطين، فتحاول أن تعيد له الأمل وتتسلق البرج الذي تعيش فيه لتلتقي أفراد أسرتها وتستمتع إلى حكايات كل منهم، وكيف تغيرت حياته في المخيم بعد طرده من وطنه، حتى تصل إلى عمها الذي شارك في المقاومة طويلا قبل أن يتبدل به الحال ويعيش بعيدا عن البشر بعد ما أصابه على يد جنود الاحتلال.
ويرصد الفيلم اربعة أجيال، أسرة الجد التي أجبرت على النزوح من أراضيها مع إعلان قيام الكيان الصهيوني عام 1948، والجد الابن والحفيدة التي تمثل الجيل الرابع الذي ينتمي للمخيمات.
ويعدّ فيلم «حكايات مفتاح» الذي أُنتج 2007 من أوائل أفلام الرسوم المتحركة التي تناولت النكبة الفلسطينية، إذ استوحت صانعة الفيلم رسامة الكاريكاتير أمية جحا العمل من حكايات جدتها وشهادات حية رصدتها في 35 هي مدة الفيلم .
وتنطلق الأحداث مع «علي وهند» اللذين اعتادا أن يحكي لهما الجد كل ليلة قصصا مختلفة ولكن الأمر اختلف في أحد الأيام حين سأل علي الجد عن معنى «مواطن» و»لاجئ» فيعطيه الجد مفتاح منزلهما في فلسطين قبل تهجير أسرتهما بالإكراه، ويتحول المفتاح خلال الأحداث إلى شخصية كرتونية يتعلق بها الأطفال، في رمزية لتأكيد حق عودتهم إلى الوطن مرة أخرى.
يحاول الفيلم تأكيد بسالة الرجال والشباب ومقاومتهم برغم ضعف أسلحتهم وقلة الإمكانات أمام العدو الإسرائيلي، وكذلك تأكيد أن الشعب الفلسطيني لم يهرب من أرضه ويتركها بإرادته لكن بعضهم خرج خوفا من بطش الاحتلال بالأطفال والنساء والشيوخ، فالفيلم يحاول رصد حجم المأساة والنكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وأطفاله أيضا.
وبعيدا عن الحرب والدمار قدم المخرج الفلسطيني أحمد حبش تجربته في فيلم «فاتنة» 2009، الذي عرض فيه تجربة إنسانية وقصة واقعية لفتاة تعيش في قطاع غزة تعاني مرض السرطان الذي ينتشر في جسدها وهي قصة حقيقية، فيعرض الفيلم للقطاع الطبي في غزة ويكشف عن جشع بعض الأطباء وتقديمهم العلاج غير المناسب، بجانب بعض مشاهد الحياة في قطاع غزة في الأعوام 2005 و2006 ، التي تظهر أزمات انقطاع الكهرباء وإغلاق الحدود مع المحتل الإسرائيلي الذي تسبب في معاناة ساكني القطاع، وقد لجأ المخرج إلى بعض مواقف الكوميديا السوداء للتخفيف من أسى القضية التي يتناولها.