هل يعلن العراق إفلاسه خلال 2020؟
متابعة ـ الصباح الجديد:
يتعرض الاقتصاد العراقي إلى ضغوط كبيرة جراء هبوط أسعار النفط وارتفاع نفقات القطاع العام وتفشي فيروس كورونا في البلاد، مما جعل الحكومة غير قادرة على تسديد رواتب الموظفين في أوقاتها المحددة.
وتدفع الدولة العراقية رواتب لما يقارب 7 ملايين شخص، تتمثل برواتب الموظفين والمتقاعدين والسجناء السياسيين والشهداء والرعاية الاجتماعية، والذين تبلغ رواتبهم سنويا 62 مليار دولار، في حين بلغت إيرادات العراق من النفط منذ بداية العام وحتى سبتمبر/أيلول الماضي 30.2 مليار دولار، وتعتمد الموازنة المالية على إيرادات النفط بنسبة 93%.
لجأت الحكومة العراقية إلى سياسة الاقتراض الداخلي لسد العجز في الموازنة المالية ودفع رواتب موظفي الدولة، إذ ارتفع الاقتراض الداخلي من نحو 32 مليارا إلى 43.5 مليار دولار حتى أغسطس/آب الماضي، واعتمد معظم الاقتراض على البنك المركزي والمصارف الحكومية، وتسعى الحكومة إلى اقتراض 34 مليار دولار خلال الشهرين القادمين لتغطية العجز خلال الأشهر القادمة.
بدوره، أبلغ البنك المركزي الحكومة العراقية عدم قدرته على تمويل الموازنة، إذ هبط الاحتياطي من العملة الأجنبية إلى 54 مليار دولار بعد أن كان نحو 65 مليار دولار في بداية العام، وكذلك وصلت ودائع المصارف الحكومية إلى الحد الأدنى المسموح به، وأصبحت غير قادرة على شراء السندات الحكومية.
والخميس الماضي، حذر المتحدث باسم الحكومة أحمد ملا طلال من أنه في حال لم يوافق البرلمان على قانون تغطية العجز المالي فإنه لا يمكن تسديد رواتب الموظفين، مشيرا إلى أنه لا توجد سيولة لدى الحكومة إلا بالاقتراض وتغطية العجز المالي، وقد ذهبت بهذا الاتجاه مضطرة، وهي لا تستطيع تأمين الرواتب إلا إذا أقر هذا القانون.
الحكومة مفلسة
من جانبه، قال عضو اللجنة المالية النيابية أحمد الحاج للجزيرة نت إن حديث الحكومة عن عدم تسديد الرواتب إلا بعد موافقة البرلمان على مشروع قانون الاقتراض الثاني يدل على أنها مفلسة وغير قادرة على منح الموظفين رواتبهم، مشيرا إلى أن الحكومة بحاجة إلى العمل على إصلاحات حقيقية والتوقف عن الاقتراض.
وأضاف أن الاقتصاد العراقي يمر بظرف صعب جدا، ويحتاج إلى جهود كبيرة لإنقاذه من الوضع الحالي، موضحا أن الدولة بحاجة إلى الاهتمام بالقطاع الخاص عبر تشريع قوانين تخدمه.
وكان وزير المالية علي عبد الأمير علاوي أقر بخطورة الوضع الاقتصادي، وأن عدم إصلاحه سيؤدي إلى الانهيار، مشيرا إلى أن تطبيق الورقة البيضاء سيساعد الاقتصاد وسيؤدي لتحسين معيشة المواطنين.
والورقة البيضاء وثيقة اقتصادية طرحتها الحكومة في وقت سابق من الشهر الجاري وتضمنت آليات جديدة للإصلاح الاقتصادي، وتشمل مئات الإجراءات التي تهدف لتحسين الاقتصاد واستغلال موارد البلاد بطرق وصفت بالمجدية، وتقع الورقة في نحو 100 صفحة، على أن يكون تنفيذها بين 3 و5 سنوات.
تخبط بالقرارات
وقالت عضوة اللجنة الاقتصادية النيابية زيتون الدليمي للجزيرة نت إن العراق بحاجة إلى توجيه الموازنة بشكل صحيح، فهناك عدة وزارات لديها شركات واستثمارات، وتقوم بأخذ حصتها من الموازنة، مشيرة إلى أن هناك تخبطا كبيرا في قرارات وزارة المالية، وبالتالي تحاول الوزارة جعل البرلمان في مواجهة الموظفين بعدم إقرار مشروع قانون الاقتراض الثاني.
وأشارت إلى أن العراق بحاجة إلى إصلاح القطاع العام، والتوجه نحو القطاع الخاص بشكل تدريجي، لأن بقاء الحال على ما هو قد يؤدي إلى انهيار الاقتصاد.
اللجوء للخارج
ولجأت الحكومة العراقية إلى المؤسسات العالمية -وتحديدا الدول الصناعية السبع (أميركا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا وفرنسا)، بالإضافة إلى صندوق النقد والبنك الدوليين- للحصول على استشارات لإدارة الأزمة المالية وتنويع الاقتصاد وإعادة هيكلة الشركات، فتم إنشاء مجموعة الاتصال الاقتصادي للعراق، والذي تتحمل تكاليف إنشائها بريطانيا.
وقال المستشار المالي لرئيس الحكومة مظهر محمد صالح للجزيرة نت إن العراق بسبب جائحة كورونا وأزمة موارده النفطية وانعكاساتها الضارة على الاقتصاد الوطني هو بأمس الحاجة إلى تحالف دولي مالي واقتصادي من الدول العظمى على غرار بيان قمة طوكيو للدول السبع الكبار في مايو/أيار 2016 الذي آزر العراق اقتصاديا في مواجهة أزمته الاقتصادية ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشار إلى أن الحكومة عازمة على تحقيق الإصلاح من خلال الورقة البيضاء، وبالتالي هذا سينعكس إيجابا على الاقتصاد بعد تطبيقها من خلال تنويع مصادره.
لكن مصطفى أكرم -وهو أستاذ الاقتصاد في كلية بغداد- قال في حديثه للجزيرة نت إن مؤشرات الاقتصاد جيدة جدا، لكن الحكومة مقبلة على فشل مالي، موضحا أن العراق يمتلك موارد مالية لسد المصروفات ولكن الحكومة عاجزة عن تحصيلها وضبطها، فمثلا إيرادات العراق من بيع الوقود في الداخل قد تصل أكثر من 20 مليار دولار سنويا.
وأشار إلى أن الحكومة تمتلك إيرادات من الجمارك والتعليم العالي والتربية والعدل وضريبة العقار والنقل وغيرها، لكن هذه الإيرادات متقاسمة بين الجهات المتنفذة، مضيفا أن حل مشكلة الاقتصاد يحتاج إلى إرادة وطنية وليس الكلام.