الذين تجردوا من ضمائرهم ونزعوا انتمائهم الى هذه البلاد يدفعون بها نحو الفوضى وقد جندوا قواهم في هذه المحنة التي يمر بها العراق من اجل التماهي مع هذا الانحدار في الاوضاع الامنية واصبحوا من حيث يعلمون او لايعلمون اداة للتخريب وخلال شهور قليلة نقل هؤلاء العراق من الدولة الى اللادولة حينما شرعوا لانفسهم القتل والخطف وبث الخوف والكراهية ونشر الرعب في مدن عراقية مختلفة وباتت عمليات الاغتيال التي شهدتها محافظة البصرة مؤخرا وقبلها عمليات الاغتيال التي شهدتها بغداد ومدن عراقية اخرى تؤسس لمرحلة جديدة لم يعد دعاة الفوضى والتخريب يخجلون فيها من الاعلان عن تواجدهم في المشهد السياسي ولربما كان اخطر مافي هذه المرحلة هو تبني اساليب الاستفزاز والاثارة كسلاح وحيد وخيار مفضل في التعاطي مع الاحداث التي رافقت القرارات والخطوات التنفيذية التي اقدم عليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي من اجل استعادة هيبة الدولة في مؤسسات رسمية مختلفة في مقدمتها المنافذ الحدودية والموانيء والتغييرات التي اجراها داخل الاجهزة الامنية من اجل تصحيح مسارات العمل في ملف الامن بما يمنح منتسبي هذه الاجهزة المزيد من المعنويات وتعزيز الثقة بالنفس لاستكمال دورهم في حفظ الامن وقطع الطريق على محاولات الفاسدين البقاء داخل هذه المؤسسة والاستمرار في مخططاتهم لاضعاف الدولة وتقوية نفوذهم فيها ..لقد بات الصراع واضحا اليوم بين دعاة الدولة واللادولة وتكشفت بشكل صريح اهداف من يتخفون في بؤر الفساد ومن ورائهم قوى التدخل الخارجي التي تحمل في تدخلاتها صبغة طائفية نفعية تستهدف اي مسعى لاخراج العراق من محنته ويجد الشعب العراقي اليوم نفسه امام معارك جديدة تختلف في اهدافها عن المعارك السابقة لكنها لاتقل ضراوة عن معركة الارهاب فدعاة اللادولة لايزالوا يملكون اذرعهم التي تتيح لهم التحكم في مسارات الاقتصاد وضرب الامن والاستقرار في المكان والزمان الذي يريدونه ولهم القدرة ان يقفوا حجر عثرة امام الجهود التي تريد للحكومة التمكين في اجراء الانتخابات المبكرة والتشويش على الاجماع الوطني المتمثل برفض الارتباط بالاجندات الخارجية ومنح القرار العراقي الوطني الاستقلالية وعدم التعامل مرة اخرى مع منهج المحاصصة في تشكيل النظام السياسي الجديد بعد هذه التجارب المريرة والاهم من ذلك الاصرار على ان لاتذهب التضحيات التي قدمها ثوار تشرين في تظاهراتهم ادراج الرياح فشهداء تشرين اسسوا بدمائهم لعراق جديد بهوية جديدة وقد اعترف القاصي والداني بهذا التاسيس وبهذا التغيير ولم يعد احد قادرا على طمسه او التقليل من شانه .
د. علي شمخي