بغداد – وداد إبراهيم:
توقف باص الامل التابع لمنظمة بوابة العدالة على مقربة من منطقة كمب سارة، وتوقف الباص الاخر في الزعفرانية (معسكر الرشيد) ليجمع أطفال العائلات التي سكنت بنحوعشوائي في المنطقة، وأبناء باعة الوقود، والمناديل، والعاملين في مكبات النفايات من الشوارع، والذهاب بهم الى المدرسة الا انه توقف في المكانين ليصبح هو المدرسة، وليمنح هؤلاء الأطفال الامل بأن وراء الأفق مستقبلاً ينتظرهم قبل ان يشكلوا خطراً على عائلاتهم وعلى المجتمع.
« الصباح الجديد « كان لها وقفة لمعرفة آراء ذوي الشآن .
بيئة صديقة لأطفال العشوائيات
المحامي فراس البياتي رئيس منظمة بوابة العدالة قال: منظمة بوابة العدالة تهتم بالأطفال المتسربين من المدارس، والذين لم يلتحقوا بالتعليم، وتعنى بحقوق الطفل في التعليم، والمعيشة، والصحة.
وأضاف: ظاهرة أطفال الشوارع في تزايد، منهم من يعمل في مكبات النفايات، وجمع العلب المعدنية، من اجل توفير المعيشة لعائلاتهم، وهذه الظاهرة خطيرة جداً، وحسب بعض التقارير ان الامية وصلت 20% لكن لا توجد احصائيات مضبوطة عن اعداد الأطفال المتسربين، والذين لم يذهبوا أصلا للتعليم، وكنا نريد ان نجد طريقة، او حلاً لهؤلاء الأطفال، فمن حقهم ان يقضوا ساعات في التعليم، ويعيشوا في بيئة صديقة لذا استهدفنا الأطفال الذين يعيشون في العشوائيات، ومعظمهم يعيش في حالة فقر، وحالة صحية سيئة جدا..
وتابع البياتي حديثه : فكرنا بموضوع انشاء مدرسة لكن كان هذا صعباً، ويحتاج لإجراءات طويلة، ومعقدة حتى توصلنا الى فكرة ان نذهب نحن للأطفال بشراء باص، وتحويره بوضع كراسي مدرسية، وسبورة الكترونية، وشاشة لأننا لدينا خبرة في التعامل مع الأطفال المتسربين، وتم تصميم برنامج يفترض ان يدوم 8 اشهر ل50 طفلاً يستوعبهم الباص، ويخضعون الى برنامج يتضمن إعادة تأهيل الطفل علمياً، ونفسياً، والوصول به الى مرحلة يمكن ان يلتحق بالمدرسة، والتأهيل العلمي ليس فقط القراءة، والكتابة بل يجب الاعتماد على منهج صف اول، وثاني، وثالث ابتدائي مبسط، وهو منهج وزارة التربية لان هناك تعاوناً مع وزارة التربية بمحاولة إعادة هؤلاء الى المدارس بالأخص الذين تجاوزت أعمارهم عمر الابتدائية فهناك مدارس خاصة يسجلون بها، وتعاونت معنا في مشكلة التسجيل على الرقعة الجغرافية، كونهم يذهبون الى مدارس بعيدة لخلو المنطقة من المدارس الحكومية.
وزاد البياتي: بعد ان يتخرج الطفل من باص الامل نفاجأ ببعض العائلات التي لا تريد ان يذهب الأطفال الى المدارس لان المنطقة خالية من المدارس، لذا الوجبة الأولى تخرج منها 50 طفلاً وتم تسجيل 26 طفل بالمدرسة، والبعض الاخر ترك المدرسة بعد إصرار الاهل على الالتحاق بالشارع. اما باص رقم 2 فهو باص يقدم الدعم النفسي، والاجتماعي لان لدينا أطفالاً تعرضوا الى سلوكيات سيئة جداً من الشارع، وتعرضوا الى صدمات، واذا كان الطفل يقضى اكثر من 10 ساعات في الشارع فلن يكون لديه حلم.
اما عن الدعم المادي فقال: نتلقى الدعم من منظمات مجتمع مدني، تعنى بتعليم الأطفال المشردين، والمتسربين من دون ان يكون لدينا أي دعم حكومي، ولدينا الان مشروع افتتاح باص رقم 3.
المستمسكات رسمية
علي اياد باحث اجتماعي في المنظمة قال: الوضع المادي للعائلات في منطقة (معسكر الرشيد) مترد جداً ما جعلهم يدفعون أولادهم، وبناتهم للعمل في الشوارع لذا حاولنا استغلال قطعة ارض في المنطقة ذاتها، وشراء باص ليكون ضمن الرقعة الجغرافية للمنطقة، وبمساعدة فريق من المحامين قمنا بدعوة الأطفال للباص، وبتحديد أعمارهم لانهم لا يمتلكون المستمسكات الرسمية، ليصبح لدينا أطفال في حالة نفسية، وصحية، وسلوكية متردية جداً.
وتابع اياد : قام فريق من المحامين بالتعاون مع وزارة الداخلية بإصدار مستمسكات لهم، وكانت عملية تعليمهم صعبة في البداية بالاخص وانهم لا يعرفون الجلوس على رحلة المدرسة، وكأنهم في عالم آخر عالم نظيف يمنحهم الامل، ويساعدهم على تجاوز مشكلاتهم الصحية، والنفسية، والاجتماعية، منهم من يمتلك مواهب مثل الشعر، والرسم، ولدينا طفل له موهبة كبيرة في الرياضيات قبل ان يتعلم معنا القراءة والكتابة فهو يستطيع جمع ارقام كبيرة جداً، لذاحرصناعلى تسليط الضوء على الموهوبين، ورعايتهم، وتعليمهم، وتشجيعهم بشكل خاص، وحققنا نجاحاً بتخريج عدد من الأطفال.
التطوع للعمل
المعلمة رانية رعد تحمل شهادة دبلوم إدارة مواد قالت: تطوعت للعمل في باص الامل بعد ان تجاوزت دورة في طرق التدريس في منظمة بوابة العدالة، اعطي دروساً في التوعية، والعلوم، واعطيهم كلمات من الحياة على وفق منهاج تعده المنظمة، وتعليمهم على النظافة لان الكثير منهم في حالة صحية غير جيدة بعضهم يعاني من امراض جلدية جراء عملهم في النفايات او في بيع الوقود، وهناك دروس في التربية الأخلاقية.
اضطهاد للبنات
المعلمة زهراء كريم تحمل شهادة كلية التربية قسم اللغة العربية قالت:كنت اعمل في تعليم الأطفال في البيت، وبعد ان دعتني صديقتي للعمل في تعليم أطفال العشوائيات تركت البيت، وتطوعت للعمل في المنظمة منذ عام، واشعر ان هناك املاً كبيراً في تعليم أطفال مشردين مع رفض الأهالي فكرة تعليمهم البعض تخرّج من هنا، واكمل تعليمه في المدارس لكن هناك اضطهاد للبنات، بعض العائلات ترفض ارسال بناتهم للتعليم في حين يجبروهن للعمل في الشارع.
احلام الاطفال
الطفل احمد من باص 2 قال : بعد ان انتهي من تعليمي في الباص سأصبح مهندساً.
نعم امتلك الامل، وقد يلتحق بركب التعليم في المدارس، ويصبح مهندساً مثلما يحلم بدلًا من ان يصبح فريسة سهلة للجهل والبطالة.