متابعة ـ الصباح الجديد:
أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها «مصمّمة» على التوصّل الى «حلّ براغماتي» مع بروكسيل، في شأن تنفيذ اتفاق انسحاب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي (بريكزيت) في الوقت المحدّد في 29 آذار المقبل. ومنيت خطط ماي للخروج من التكتل بهزيمة تاريخية في مجلس العموم (البرلمان) الشهر الماضي، وفوّضها نواب الاسبوع الماضي العودة إلى بروكسيل للتفاوض مجدداً على «تدابير بديلة» عن اتفاق «شبكة الأمان» الذي يستهدف تفادي عودة حدود فعلية بين مقاطعة إرلندا الشمالية التابعة للمملكة المتحدة وجمهورية إرلندا العضو في الاتحاد.
ويخشى مؤيّدو «الطلاق» من أن أي ترتيب خاص بإرلندا الى موعد غير محدد سيمنح الاتحاد فرصة الاعتراض على الترتيبات التجارية لبريطانيا مع الدول الأخرى، ويضعف الروابط الاقتصادية بين إرلندا الشمالية وباقي المملكة المتحدة. وأعلنت ماي رغبتها في إعادة فتح المفاوضات مع الاتحاد، على رغم رفض الأوروبيين ذلك. ويثير الأمر احتمال أن تجازف المملكة المتحدة بمغادرة التكتل من دون اتفاق، وهذا سيناريو تخشاه الأوساط الاقتصادية.
وفي السياق ذاته، أعلنت شركة «نيسان» اليابانية لصنع السيارات أنها ستوقف إنتاج سيارة الدفع الرباعي «أكس ترايل» في إنكلترا. وقال مدير «نيسان» في أوروبا جيان لوكا دي فيشي: «الغموض المستمرّ حول العلاقات المستقبلية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لا يساعدنا على وضع خطط مستقبلية».
واعتبرت النائب جولي إليوت ان خروج بريطانيا من الاتحاد أدى «دوراً حتمياً» في القرار، وتابعت: «لا شيء من ذلك يفضي إلى تشجيع الاستثمار التجاري في هذا البلد». وتوظّف «نيسان» نحو 7 آلاف شخص في المصنع الذي ينتج سيارات منذ العام 1986. كذلك بدأ رحيل موظفي مصارف أميركية كبرى من لندن، إلى دول أوروبية، بينهم حوالى 400 موظف في «بنك أوف أميركا» سيتوجّهون إلى باريس وفرانكفورت هذا الشهر. في الوقت ذاته، تستعد شركات كبرى في «وول ستريت» لانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
ونشرت ماي امس الاول الاحد مقالاً في صحيفة «صنداي تلغراف»، ورد فيه أنها «مصمّمة على تنفيذ بريكيزت في وقته في 29 آذار 2019». واستبعدت رئيسة الوزراء إرجاء «بريكزيت»، كما اقترح مسؤولون أخيراً، بينهم وزير الخارجية جيريمي هانت، لإتاحة التوصّل الى اتفاق. وأضافت أن النواب «سيكونون سعيدين بالترتيب الحالي الخاص بإرلندا، إذا كان هناك حدّ زمني أو آلية خروج من جانب واحد». وزادت: «عندما أعود إلى بروكسيل سأناضل من أجل بريطانيا وإرلندا الشمالية. وسأتسلّح بتفويض جديد وأفكار جديدة وعزم جديد على الاتفاق في شأن حلّ براغماتي يحقق الخروج الذي صوّت الشعب البريطاني لمصلحته. هذا ما كلّفني البرلمان فعله. إذا شبكنا أيدينا وتكلمنا بصوت واحد، أعتقد بأننا قد نعثر على الطريق الصحيح».
لكنها رفضت فكرة تهديد إعادة فتح المفاوضات حول «شبكة الأمان»، اتفاق السلام المُبرم عام 1998 والذي أنهى 3 عقود من العنف في إرلندا الشمالية.
ونفى مكتب ماي تقريراً نشرته صحيفة «ميل أون صنداي» أفاد بأن مستشاريها يدرسون تنظيم انتخابات مبكرة في 6 حزيران المقبل، إذا أقرّ البرلمان اتفاقاً لخروج بريطانيا من الاتحاد.
وفي هذا الإطار، أظهر استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة «ذي أوبزرفر» أن حزب العمال نال نسبة 34 في المئة من نيات التصويت، في مقابل 41 في المئة لجزب المحافظين. واشار الاستطلاع الى أن نواباً عماليين يدرسون فكرة تأسيس حزب جديد، بسبب عدم ارتياحهم إزاء مقاربة زعيم الحزب جيريمي كوربن ملف «بريكزيت». الى ذلك، نبّه وزير التجارة البريطاني ليام فوكس الى أن رفض الاتحاد إعادة التفاوض على اتفاق «الطلاق» سيكون «تصرّفاً غير مسؤول».
وسأل في اشارة الى الأوروبيين: «هل يقولون حقاً إنهم يفضّلون عدم التفاوض والوصول إلى وضع الخروج من دون اتفاق؟ من مصلحتنا جميعاً التوصل إلى هذا الاتفاق». واستدرك أن الحكومة «قادرة على التعامل مع ذلك السيناريو، لكنه لن يكون الأفضل لمصلحتنا». اما وزير الداخلية البريطاني ساجد جاويد فلفت الى إمكان «استخدام تقنيات متاحة» لتسوية مشكلات تتعلّق بترتيب وضع الحدود بين المملكة المتحدة وإرلندا بعد «الطلاق»، وزاد: «ما نفتقر إليه هو نيات طيبة من الاتحاد الأوروبي».
وأشار الى أن التكتل أوضح أنه سيساعد في التوصّل الى ترتيبات بديلة، لتجنّب صعوبة المرور عبر الحدود الإرلندية – البريطانية، إذا خرجت لندن من دون اتفاق. وسأل «إذا أمكنهم فعل ذلك في إطار سيناريو الخروج من دون اتفاق، لماذا لا يمكنهم فعله في إطار سيناريو التوصّل الى اتفاق؟ لذلك أعتقد بأن النتيجة الأكثر ترجيحاً لا تزال التوصّل الى اتفاق».
في غضون ذلك، أوردت صحيفتا «صنداي تايمز» و»ميل أون صنداي» أن مسؤولين بريطانيين أحيوا خطط طوارئ أُعدّت خلال الحرب الباردة، لإجلاء الملكة إليزابيث الثانية من لندن «في حال حصول اضطراب مدني» بسبب الخروج من دون اتفاق.