في الوقت الذي انشغل الكثيرون بمناقشة التعديل المرتقب لقانون الاحوال الشخصية في العراق وما اثير حوله من ضجة كبرى تتعلق بتزويج القاصرات ، ما جعل البعض يذهب إلى ان هذا الفعل لا يقل بشاعة عما قامت به داعش من سبي واغتصاب للنساء .. اقول في ظل هذه الاجواء وانشغال الناس في الحديث عن حقوق المرأة التي سيسهم القانون في اهدارها ، فان ثمة نساء يخضن غمار المعارك ضد الارهاب الداعشي البغيض ، وهنا اتحدث عن المراسلات الحربيات من الاعلاميات والصحفيات العراقيات اللواتي كان دورهن مميزا في تغطية مجريات المعارك , وكن يركضن ويتقدمن مع زملائهن من المراسلين ومع الجنود الابطال ، ولذا اختلطت دماؤهن بدماء الشهداء الاخرين ، وقد استقبلنا اول شهيدة منهن وهي الاعلامية رنا العجيلي التي استشهدت في معارك تحرير قضاء القائم لترتقي سلم الخلود ، لتكون اول شهيدة في الاعلام الحربي ، وربما لن تكون الأخيرة مادام لدينا مثلها من المراسلات الحربيات اللواتي يحملن من الشجاعة ما يجعلهن قادرات على خوض غمار المنافسة ببطولة ومهنية عالية .
ان تجربة «المراسلة الحربية « ، تجربة مهمة في العراق ، فبعد ان كنا نقرأ او نشاهد مراسلات حربيات في دول اخرى ، ونتساءل ، اين صحفياتنا من اؤلئك الصحفيات في الغرب والولايات المتحدة فضلا عن صحفيات عربيات خضن التجربة في غزة والسودان وليبيا وجنوب لبنان ومناطق نزاع ساخنة اخرى في دول العالم؟ .. ولكن ما لبثنا ان وجدنا اجابة وافية لذلك التساؤل ، اذ ان الصحفيات العراقيات لسن اقل شجاعة او مهنية من زميلاتهن الصحفيات الاخريات ، واعتقد ان مثل هذه التجربة الغنية جدا وبصرف النظر عن المخاطر التي قد تتعرض لها الصحفية وهي تؤدي مهمتها في تغطية مجريات المعارك وقتال شرس ضد عدو لا يحمل من اخلاق الفرسان شيئا ، ، هذه التجربة من شأنها ان تثري خبرة الصحفية على المستويين المهني والإنساني.
ولكن ، السؤال الذي يطرح نفسه ، هل يجب ان تكون المراسلة او المراسل الحربي في الخطوط الامامية لتغطية تقدم القطعات اولا باول ؟، ام من المفترض ان يكون في مكان آمن في الخطوط الخلفية وتوفر له الظروف المناسبة التي تمكنه من نقل مجريات المعارك بنحو مستمر ؟ .. اعتقد ان زج المراسل الحربي في الخطوط الامامية سيعرضه للخطر بكل تأكيد بلحاظ استشهاد الزميلة رنا العجيلي وقد سبقها شهداء اخرون بسبب وجودهم في المقدمة ، وبالتالي فان نقل الاحداث قد يتعطل بسبب الاصابة او الاستشهاد للمراسل الحربي.
استشهدت رنا العجيلي التي اثبتت ان المرأة العراقية والصحفية على وجه الخصوص تحمل من البطولة والشجاعة والقدرة على التماهي إلى ابعد الحدود مع اشد الاحداث جسامة ، وقد منحت تجربة «المراسلة الحربية» الصحفيات العراقيات مساحة لإثبات الذات والمنافسة المتميزة في تغطية الاحداث ، فكان من بينهن شهيدات وجريحات ، ومازلن يواصلن المهمة الصعبة وإزاء هكذا بطولة تصل إلى مستوى الوقوف بوجه الارهاب و الجود بالنفس حد الاستشهاد ، اعتقد ان المرأة العراقية لم تعد محتاجة إلى من يدافع عن حقوقها ، فهي ليست قاصرة ، ومن تقف بشجاعة وشموخ وتواجه اشرس واقذر عدو تشهده الارض «داعش» ، ليس ثمة شك من انها قادرة على الدفاع عن حقوقها ، ولن يستطيع احد من ارغامها على امر هي لاترضاه ابدا .
عبدالزهرة محمد الهنداوي
تجربة المراسلة الحربية
التعليقات مغلقة