عادل اللامي
الرئيس السابق للمفوضية العليا للانتخابات
لقد تألم كل المواطنين الوطنيين من دون استثناء وكثير منهم ذرف الدموع وتعالت الأصوات والصرخات تنديداً واستنكاراً عندما نهب المتحف العراقي وعُبِثَ به بعد 9 نيسان 2003 وايضاً عندما حرقت مؤسساتنا الثقافية والتاريخية ومنها المكتبات العامة وغيرها، ليس بسبب قدسيتها بل كونها مقتنيات الشعب الثمينة قِيَميّاً وتاريخياً وحضارياً، وايضاً عندما فُجِّر ضريح الأمامين العسكريين (ع) وبسبب قدسية المرقد الشريف تألّمنا وذرفنا الدموع ودفع ابناء الشعب ثمناً باهظاً بسبب هذا الفعل الأجرامي بسبب الاحتقان والانتقام الطائفي، لكن الكثير نسى هذه الآلام بمرور الوقت خصوصاً بعد اعادة اعمار هذه الصروح بنحو افضل من السابق وعاد زوّار هذه الاماكن لزيارتها زيارات ثقافية او دينية، واصبح الألم ذكريات مؤلمة. ونفس الألم والحسرة مرّ بالمواطنين الوطنيين عندما دمّرت آثارنا في الموصل لابل حتى عندما دمّرت آثار تدمر السورية، وايضاً تعالت الاصوات والاحتجاجات ومظاهر الألم على فعل المجرمين الأرهابيين، ومع هذا سيزول هذا الألم بمرور الوقت وبعد اعادة اعمار هذه الآثار واسترجاع ما يمكن استرجاعه من المسروقات.
بالأمس فجّرَ الارهابيون مسجد النوري بمئذنته التاريخية الشهيرة بعد ان اتخذ الارهابيون هذا المسجد منطلقاً لإجرامهم، حيث كان بامكان قيادة الجيش العراقي قصفه بمن فيه من ارهابيين ورمزيّتهم وأعتقد ان الذي منع القيادة من قصفه هو احتمال كبير على وجود رهائن مدنيين فيه وايضاً سيستغل الأرهابيّون وبعض اعداء العملية السياسية من دواعش السياسة الحدث واستعماله من اجل تأجيج الاحتقان الطائفي واعتقد ايضاً ان هناك سبب آخر هو الحفاظ أثر تاريخي عراقي باقل الخسائر. لكن بعد حصول الحدث الاجرامي بتفجير الجامع فهو كما قال رئيس مجلس الوزراء هو اعلان لهزيمة داعش.
بالطبع كالعادة تألم العراقيون على خسارة اثر تاريخي وعبّروا عن ألمهم واستنكارهم بشتى الصور الاعلامية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وانا منهم، لكن الغريب في الموضوع ان البعض وخصوصاً من خلال شبكات التواصل الاجتماعي ومنهم شخصيات معروفة استكثروا علينا الاعلان عن الألم والاحتجاج والاستنكار بذريعتين مهمتين الأولى هي ان الذي بناه قبل قرابة تسعة قرون هو نور الدين زنكي الذي حارب الفاطميين في مصر وبذلك فأن الموضوع لا يستحق الأهتمام والذريعة الثانية ان الجامع والمئذنة ليسا اهم من دماء الشهداء، الذريعة الاولى هي ذريعة طائفية بامتياز ذلك انه من باب اولى عدم الأكتراث بهدم الآثار العراقية القديمة في المتحف العراقي او الموصلي وغيرها كونها آثارا تعود لغير الموحّدين او «الكفار» حسب مفهوم بعض الشرائع والمذاهب، اما الذريعة الثانية انّ المنارة ليست أعز واقدس من دماء الشهداء وكأنّ العراقيين لم يتألموا لسقوط الشهداء! ما هذا الخلط بين موضوع الشهداء وموضوع تهديم المعالم الآثارية؟ فلكل مقامٍ مقال، نعم ولا ننكر اهمية سلامة البشر على سلامة الحجر وهذا كان شعار هذه المعركة، الأولويّة لسلامة البشر من مدنيين وعسكريين، كم من الضحايا قدمت القوات المسلحة من اجل سلامة البشر وايضاً من اجل سلامة البنى التحتيّة بالوقت نفسه.
هل يريد البعض ان لا نصرخ بوجه الأرهاب استنكارا واحتجاجاً على فعلهم الأجرامي بتفجير مسجد تاريخي وله ايضاً قدسية خاصة لدى اتباع مذهب معين وله قيمة تاريخية عند الكثير من ابناء الموصل والعراق بل وحتى لدى شعوب اخرى عربية واسلامية قام الدواعش باحتلاله ومن ثم تفجيره للأسف البعض لا ينظر ابعد من ارنبة انفه.
رحم الله شهداء العراق في حربهم ضد الأرهاب ورحم الله الضحايا المدنيين الابرياء الذين قضوا بسبب الأرهاب، وسيعاد ان شاء الله اعادة بناء المئذنة بايدي ابناء العراق وخصوصاً الشيعة الوطنيين وبأموال الشعب العراقي لا باموال المتبرعين، ونشكر قيادة القوات المسلحة لعدم اتخاذهم قرار قصف الجامع الذي جنّب أحتمال حدوث الفتنة والاحتقان الطائفي.
المنارة والجدل الأحدب
التعليقات مغلقة