سلام مكي
إن القانون وجد لمعالجة واستيعاب الحالات الاجتماعية التي تسود المجتمع، وإن أي نص قانوني، عندما يشرع، فإنه سوف يكون وليد الظروف السياسية والاجتماعية التي كانت سائدة وقت تشريعه، وقد يبقى ذلك النص صالحا للعمل به، في فترات زمنية مختلفة، حسب ما تضمنه من أحكام وبنود، وفي حال ظهور تطورات مجتمعية وتقنية، قد لا ينهض ذلك النص بمعالجة الحالات التي وجد من أجلها، وهنا يبدأ دور السلطة التشريعية، ممثلة بمجلس النواب، كي تتولى معالجة النقص التشريعي، الذي نتج عنه عدم مواكبة النص القانوني لحركة المجتمع. وبالنسبة للنصوص القانونية التي عالجت حالات حضانة الأطفال، ولمن له الأحقية ببقاء الأطفال عنده، في حال طلاق الزوجين، أو حصول الفرقة بينهما، نجد أن قانون الأحوال الشخصية العراقي، عالج الموضوع، بنصوص فقيرة، لا ترقى لمعالجة الحالات الكثيرة والمشاكل التي يشهدها المجتمع، في ظل الظروف التي نعيشها. فنص المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية، شرعت من قبل مجلس قيادة الثورة المنحل، في وقت كان العراق يعيش ظروف الحرب مع إيران، وكلنا يعلم أن تلك الحرب، بما خلفته من آثار تدميرية على الشعب العراقي، بسبب غياب عدد كبير من الرجال، أما لقضائهم وقتا طويلا في جبهات القتال، أو لفقدهم أو استشهادهم، مما ولد حاجة ملحة لإعادة تنظيم أحكام الحضانة، وفقا لمتطلبات الوضع الجديد، لذلك تم تشريع أحكام المادة الحالية التي بقيت نافذة لغاية اليوم. ورغم ما تلاقيه هذه المادة من اعتراضات كثيرة، بسبب حرمانها الأب من حضانة أبنائه، ولكون أن مبررات تشريعها انتهت منذ زمن طويل، فكان على مجلس النواب، أن يقوم بتعديلها، بما يتناسب مع الوضع الجديد والمختلف جذريا عن ظروف تشريعها.
في الفقرة ا من المادة 57، نجد أنها تنص: الأم أحق بتربية وحضانة ولدها، حال قيام الزوجية، وبعد الفقرة، مالم يتضرر المحضون. أما الفقرة 2 فتنص: يشترط أن تكون الحاضنة بالغة عاقلة أمينة، قادرة على تربية المحضون وصيانته، ولا تسقط حضانة الأم المطلقة بزواجها، وتقرر المحكمة في هذه الحالة أحقية الأم أو الأب في الحضانة في ضوء مصلحة المحضون. نلاحظ في النصين أعلاه، أن حضانة الأم لأولادها موجودة بشكل تلقائي، في حال قيام الزوجية، ولا خلاف عليها بكل الأحوال، لكن الخلاف يظهر بعد طلاق الزوجين، إذ أيهما أحق بأن يكون الأطفال معه: الأب أو الأم؟ القانون يقول: الأم، مهما كانت الظروف، على أن تكون بالغة وأمينة، وقادرة على تربية المحضون والعناية به. الفقرة 4 من المادة 57 نصت: للأب النظر في شؤون المحضون وتربيته وتعليمه، حتى يتم العاشرة من العمر، وللمحكمة أن تأذن بتمديد حضانة الصغير، حتى إكماله الخامسة عشرة، إذا ثبت لها بعد الرجوع الى اللجان المختصة الطبية منها والشعبية أن مصلحة الصغير تقتضي بذلك، على أن لا يبيت إلا عند حاضنته. وقد اشترط نص الفقرة ا ألا يتضرر المحضون من حضانة الأم، وعندها تتحول الحضانة من الأم الى الأب. لكن السؤال: متى يتضرر المحضون؟ وهل هناك حالات محددة وذكرت على سبيل الحصر أو حتى المثال يتضرر معها المحضون؟ القانون لم يذكر أية حالة، والأب الذي يعتقد أن استمرار طليقته بحضانة ابنائه يسبب لهم الضرر، عليه أن يتجه الى القضاء، لإثبات تضرر ولديه من طليقته! ولكن إثبات ذلك، يبدو أمرا عسيرا، نظرا لأن القانون كما قلنا، لم يذكر موارد تضررهم، بل ترك أمر تقدير الضرر للمحكمة، فهي التي تقدر كل حالة تعرض أمامها.
أحكام الحضانة في القانون
التعليقات مغلقة