-1-
كان عشّاق العلم والأدب والمعرفة :
يكتبون أحسنَ ما يسمعون ،
ويحفظون أحسنَ ما يكتبون ، .
ويتحدّثون بأحسن ما يحفظون .
ومن هنا حفلت كتب التراث العربي بالكثير الكثير من نفائس الاخبار وروائع الأشعار ، وكانت المجالس العامة تنعم بالكثير الكثير من بديع النوادر وجميل الخواطر .
-2-
وجيلنا المعاصر :
لا يكتب ما يسمع ،
ولا يُعنى بالتدوين أصلاً ،
وبالتالي فلا تصل النوبة الى محفوظاته كما لا تصل الى مروياته ..!!
وهنا تكمن المفارقة .
-3 –
ولو قُدّر له أنْ يحمل نفسه على حفظ نص من النصوص فلن يحفظه بشكل صحيح ولن يقرأة سليماً من اللحن …
وقد يتحول البيت الشعري عند قراءته له الى نَثْرٍ مُبَعْثر …،
يوجب الاشمئزاز بدلاً مِنْ اجتذاب الألباب ..!!
-4-
والوظائف المهمة والمناصب ما كان منها عالياً وما لم يكن تُشترط فيه الدراسة الجامعية
غير أنْ الدراسة الجامعية اليوم لم تَعُدْ كما كانت في منتصف القرن الماضي فبمقدور أصحاب السيولة النقدية أنْ يحصلوا على مثل تلك الشهادات مِنْ غير التزام حقيقي بمتطلبات الحصول عليها من دوام وأداءٍ للامتحانات واستيعاب المواد .
-5-
والغريب انّ أقبالَ أبناء الضاد على اللغات الاجنبية الحيّة إقبالٌ ملحوظ مشهود، فيما يتراكم الفشل والكسل في الحفاظ على الحد الأدنى من سلامة لغتهم الأم .. لغة القرآن ..!!
-6-
انّ مَنْ يسمونه ( بالمُصحح اللغوي ) هو الذي يتولى نقل بعض الجمل من صيغها الصحيحة الى صيغ أخرى لا تنعم بالصحة والسلامة …
ويصح عليه المثل المشهور :
( طبيب يداوي الناس وهو عليلُ )
-7-
وقد تابعتُ شخصيا ما تضمنتْه الكثير من المطبوعات الجديدة من مفارقات لغوية وانكسارات بُنْيَوية …
وشعار أصحاب هذا المنحى انهم يكتبون لأمثالهم ممن يحسن نحواً ولا صَرْفا …
وليس هذا بتبرير مقبول حيث لابُدَّ من مراعاة الضوابط والقواعد بعيداً عن مواطن الخلل .
-8-
واذا كان الحديث عن الغُربة مُوجعا فانَّ الغربة ليست محصورة في الغربة عن الأوطان وانما تشتمل غربة اللسان أيضا .
وهذه هي المصيبة التي وقع فيها معظم أبناء الجيل المعاصر .
-9-
المطلوب هو الحفاظ على لغتنا الجميلة الأصيلة مِنْ كل ما يخرج بها عن مسارها المستقيم، وتكثيف العناية بالحس الأدبي والمعرفي بكل الطرق والوسائل المُتاحة ابتداءً بالندوات والمجالس الثقافية وصولاً الى اقناع الجمهور ان صداقة الكتاب هي الصداقة الرابحة .
حسين الصدر