في أحيان كثيرة نقرأ مقالة صحفية عن هذه المسرحية او تلك التمثيلية او ذلك الفلم ، وقد نقرأ دراسة او بحثاً ، وهذه القراءة على وفق توجهها والغاية منها، قد تتناول البطل الرئيس او البطلة ، او البطل الثانوي ، وقد تركز على المخرج او تكون وجهتها (النص) ، ومن الطبيعي ان تأتي بعض تلك المقالات او البحوث شاملة ، أي تتناول الفلم مثلاً ، قصة وسيناريو وأبطالاً زيادة على الإخراج ، واشكالية هذه (المواد ) المنشورة انها تحصر دراستها او كتابتها على البطل خليل شوقي على سبيل المثال او دريد لحام او احمد زكي او اية بطلة للكشف عن عناصر الأداء وميزاتها و .. الخ ، ولكن هذا الكشف والتركيز على البطل – وان كان لا يمثل ثغرة في محاولة الكاتب او الناقد لأنه يتحرك في اطار هدفه او القصد من موضوعه – يأتي على حساب العناصر الأخرى ، أي عدم الالتفات الى المؤلف او كاتب السيناريو او التصوير او الإنتاج او الإخراج او الاقتباس او عناصر العمل الفني الأخرى ..
هذه الإشكالية في الحقيقة – عند حدوثها ، فهي لا تحصل دائماً – مقدور عليها اذا جاز القول ، وعادة ما يكون تفاديها قائماً في العمل الفني نفسه ، فحيثما كان هناك عرض لفلم طويل او قصير او عرض مسرحي فأن الجهة المعنية بالعرض (سينما او فضائية) تقدم بالتفصيل لمشاهديها أسماء وادوار العناصر ، اعني عناصر العمل الفني ، ولا تخرج عن هذه القاعدة التمثيلية التلفازية او الاذاعية …إن ما يحصل في الكتابات المنشورة ( مقالات – بحوث – نقد ..الخ) هو تغييب (مؤقت) لبعض العناصر لمصلحة عنصر واحد ..ولكن المشكلة المؤرقة حقاً تكمن في فن الغناء على وجه التحديد ، ففي هذا (المثلث) المترابط المتماسك لإنجاز الاغنية (القصيدة – اللحن – الصوت) غالباً ما تحصل عملية إقصاء للقصيدة واللحن ولا يبقى في المشهد سوى المطرب ..ففي لجان المسابقات لاختبار الأصوات الجديدة يكتفي المتباري او المتبارية بالإشارة الى اسم (المطرب العظيم او المطربة العظيمة، فلان او فلانة) ، وكأنه لا يعرف شاعر الاغنية التي سيؤديها او ملحنها ، بل في الغالب هو لايعرف ، ومن النادر ان تلتفت (لجنة الاختبار ) الى الشاعر والملحن ، ويحصل الشيء نفسه على نطاق أوسع في عموم المهرجانات الغنائية والحفلات الرسمية والحفلات الشعبية ، وبعد سنوات قلائل يموت الشاعر والملحن ولا أحد يذكرهما او يتذكرهما و..وربما لهذا السبب ظهرت لدينا تسمية ( أغان تراثية او فولكلورية) لانعرف شاعرها ولا مؤلفها مع الأسف .. بالمناسبة يستحق عبد الحليم حافظ التصفيق مثلما يستحقه كاظم الساهر ..ففي حفلاتهما كانا حريصين على ذكر الشاعر والملحن ، وفي ذلك شيء عظيم من النبل والوفاء وكرم الاخلاق …
حسن العاني