الصباح الجديد ـ متابعة:
أطلقت صفقة الغواصات النووية التي أعلن عنها تحالف “أوكوس” العنان نحو سباق للتسلح في دول آسيوية عدة قبل سنوات من دخول هذه الغواصات الخدمة.
وقالت “نيويورك تايمز” إن الغواصات المتخفية بعيدة المدى قادرة بشكل أفضل على مواجهة البحرية الصينية، كما أن اتفاق “أوكوس” يمكن أن يسرع من تكديس الأسلحة في آسيا قبل وقت طويل من دخول الغواصات الخدمة.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن إدارة بايدن تتعهد بمساعدة الدول الآسيوية على مواجهة التعزيزات العسكرية للصين، وهو أمر تبرزه الاتفاقية الجديدة مع أستراليا.
ومن المرجح أن تتم مناقشة هذه الأجندة في البيت الأبيض هذا الأسبوع عندما يستضيف الرئيس بايدن قادة آخرين من المجموعة “الرباعية”، وهي تحالف غير رسمي تضم أستراليا واليابان والهند.
وكان التحالف المكون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا والمعروف باسم “أوكوس” أعلن في وقت سابق من الأسبوع الماضي عن صفقة غواصات تعمل بالدفع النووي تشتريها كانيبرا من واشنطن.
ردا على ذلك، تكثف الصين تحديثها العسكري، لا سيما في التكنولوجيا القادرة على صد الغواصات، في وقت تتجه فيه دول آسيوية مثل الهند وفيتنام واليابان لتسريع خطط الإنفاق العسكري من المعسكر الغربي.
تشير الصحيفة إلى أن الغواصات تحتاج إلى 10 سنوات على الأقل لدخولها الخدمة، لكن الموجات الجيوسياسية من إعلان الصفقة كانت فورية، بينما أعطت بكين الوقت لحشد المعارضة بين الجيران الآسيويين والتخطيط لتحركات عسكرية مضادة.
وخلال الأسبوع الماضي، أطلقت كوريا الشمالية مقذوفين من قطار، كما أجرت كوريا الجنوبية تجربة ناجحة على أول صاروخ بالستي يُطلق من غواصة.
وبينما رفعت كوريا الجنوبية، التي تركز على التهديد من كوريا الشمالية، ميزانيتها الدفاعية بنسبة 7 في المئة سنويا في المتوسط منذ عام 2018، تخطط اليابان لرفع الإنفاق العسكري إلى أكثر من 1 بالمئة من إجمالي الدخل الثابت منذ السبعينات.
بدورها، عززت الهند الإنفاق العسكري مع تصاعد التوترات مع الصين، على الرغم من أن التأثيرات الاقتصادية الناجمة من فيروس كورونا قد تبطئ هذا الاتجاه.
حروب الشرق الأوسط انتهت
وحتى قبل صفقة “أوكوس”، نشرت بعض الحكومات سفنا وغواصات وصواريخ جديدة، جزئيا على الأقل بدافع القلق بشأن التعزيز العسكري السريع للصين والمطالبات الإقليمية المثيرة للجدل.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، الثلاثاء، أن نطاق تحالفهما العسكري الجديد، “يمتد” إلى حلفاء آخرين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ ذات الموقع الاستراتيجي.
وقال موريسون بعد لقاءه الرئيس بايدن في نيويورك، إن “الأمر لا يقتصر على الشراكة بيننا، لأن نطاق الشراكة يمتد إلى كثير من الأصدقاء، سواء بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا أو أوروبا”، وذلك قبيل لقاء ثنائي مع الرئيس الأميركي على هامش انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
وشدد بايدن على “أهمية هذه النقطة لأن شراكتنا.. تتماشى مع الديموقراطيات الأخرى”.
يقول مدير برنامج جنوب شرق آسيا في معهد لوي بسيدني، بين بلاند، إن العديد من القادة في جنوب شرق آسيا يريدون أن تظل الولايات المتحدة هي الداعم الأمني الأساسي.
وأضاف: “لكنهم يخشون أيضا من أن النهج الصارم بشكل متزايد الذي تنتهجه الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل أستراليا سيدفع الصين للرد بالمثل”، مما يؤدي إلى دورة تصعيد تتمحور حول جنوب شرق آسيا.
والإنفاق الدفاعي المتزايد في أستراليا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى بالنسبة لمايكل شوبريدج، المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الأسترالية، ويعمل الآن لدى “المعهد الأسترالي للسياسات الإستراتيجية” فإنه بمثابة رد فعل مباشر على الصين.
يقول لوكالة فرانس برس إن “التنافس العسكري الحقيقي هو بين الصين وشركاء آخرين يريدون ردع (بكين) عن استخدام القوة”. ويتابع “رد الفعل هذا تزايد وخصوصا منذ تولي شي الرئاسة”. في الناحية الأخرى، لم تقل الحكومة الصينية شيئا آخر بعد إدانة اتفاقية الغواصات الأسبوع الماضي. لكن من المؤكد أن قادة الصين والمسؤولين العسكريين سيأخذون في الاعتبار التحركات العسكرية والدبلوماسية المضادة، بما في ذلك طرق جديدة لمعاقبة الصادرات الأسترالية، التي تعرضت بالفعل للحظر والتعريفات العقابية مع تدهور العلاقات في السنوات القليلة الماضية. ويمكن لبكين أيضا تسريع الجهود لتطوير تقنيات لبناء أسطول جديد من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية قبل أن تستقبل أستراليا الغواصات الأميركية بوقت طويل. وتملك الصين 12 غواصة نووية بالفعل، بالإضافة إلى ان البحرية الصينية تملك نحو 360 سفينة، جعلتها الأكبر في العالم من حيث العدد.
قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نانجينغ شرق الصين، تشو فنغ، “تُظهر اتفاقية أوكوس بوضوح شديد أن شرق آسيا أصبح محور استراتيجية الأمن العالمي للولايات المتحدة”.
وتابع: “إنه تذكير للصين بأنه إذا لم نتمكن من تخفيف التوترات مع الجيران حول بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، فستواصل الولايات المتحدة محاولة الاستفادة من هذا التوتر”.