الأمثلة الحسيّة

-1-
قد يلجأ المدرسون الى استخدام ( وسائل الايضاح ) وهم يشرحون لطلابهم مسألة معيّنة، حرصاً منهم على ايصالهم الى ضفاف المعرفة المعمقة، وهذا أمر معروف ومشهود .
-2-
والسؤال الآن :
هل يلجأ العلماء حين يُسألون الى استخدام ما يُعينهم على توضيح الجواب ؟
ويمكن القول :
انّ الامثلة الحسيّة التي يضربونها للسائلين تقوم مقام وسائل الايضاح المعروفة .
-3 –
وكثيرا ما يتوجه الناس الى الفقهاء يسألونهم عن ” الأعلم ” من الفقهاء المعاصرين، لكي يرجعوا اليه بالتقليد .
وتشخيص الأعلم من الفقهاء مهمة لا يقوى عليها الاّ ( أهل الخبرة ) من العلماء .
ومعظم الفقهاء يفتون بوجوب تقليد الأعلم .
وحين يتعدد المتصدون للمرجعية من الفقهاء تعن الحاجةُ الى تشخيص الأعلم منهم فيكثر السؤال عن ذلك .
وقد قرأتُ في ترجمة الفقيه المرحوم السيد ابراهيم السيد محمد علي الأعرجي المتوفى سنة 1247هـ انه سئل عن الفقيه الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء والشيخ أسد الله صاحب المقابيس، ومن هو الأعلم منهما ، باعتباره من أبرز مصاديق أهل الخبرة
وكان ذلك بعد وفاة الشيخ جعفر الجناجي صاحب كتاب كشف الغطاء
فاستعان بمثال حسي ضربه للسائلين فقال :
( أمثل لكم مثالاً لهما ، هما كرجلين عَلِما أنّ في هذا الجبل درة مكنونة فجاء كلٌ منهما يُريد إخراجها ،
فأخذ أحدهما ينقض الجبل لاستخراجها ،
واستعد لذلك بالآلات والمعاول وأَخَذَ ينقض ،
وكلما نقض جانباً وقف على بعض المعادن والاشياء العزيزة ، واستمر على النقض .
وجاء الآخر ووقف وتأمل الجبل فحدس أنْ تكون الدرة في موضع كذا من الجبل ، فحفر يسيراً فوجدها وأخذها ومضى ،
وبقي الآخر مشغولاً بنقض الجبل ، وقد أحاط واطلع على معادن كثيرة غير الدرة لم يطلع عليها الآخر
فقالوا :
يا سيدنا :
طبّق لنا المثال عليهما .
قال :
الفقه هو الدرة الربانيّة والذي حدسها وأخرجها هو الشيخ موسى ،
والذي بقي ينقض الجبل هو الشيخ أسد الله ،
فالشيخ موسى عنده النتيجة ولا خبرة له بما اطلع عليه الشيخ أسد الله من المعادن النفسية ) راجع موسوعة علماء الكاظمية /ج1 /ص30
وبهذا المثال الحسي الواضح حسم السيد الاعرجي الأمر ووضحه ايما توضيح .
-4-
وننتهز الفرصة لنحيي الجهد الكبير الذي بذله الباحث الموسوعي الاستاذ المهندس الحاج عبد الكريم الدباغ حفظه الله في إخراج موسوعته الجديدة الخاصة بعلماء الكاظمية المقدسة وأعلامها
فقد اخرجها في ستة أجزاء في حلة قشبية ذات عطاء ثمين .
وقد أطلقنا على الاستاذ الدباغ لقب ( سادن التراث الكاظمي )
فلقد أخرج من قبل موسوعة مهمة في ثمانية أجزاء عن الشعراء الكاظميين .
وهكذا يواصل أشواطه المشكورة في العطاء والاثراء، متصدرا قائمة الموسوعيين العراقيين .
نساله سبحانه أنْ يديم توفيقه، وأنْ يمن عليه بموفور الصحة والسلامة لإتحاف المكتبة الاسلامية العربية بالروائع ، وَيُجزل له الأجر والمثوبة على أتعابه وعنائه في ميادين خدمة الدين والعلم والأدب .

انه سميع الدعاء قريب مجيب .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة