وصايا خالدة

-1-
ما مِنْ عاقلٍ رشيد الاّ وهو ذو شَغَفٍ وتلهف لِمَا يُمكن أنْ يرتقي به الى الروابي العالية ليكون الرقم المتميز رُوحيّاًواجتماعيا وأخلاقيا …، وحينها يكون صاحب الموقع العالي تحت الشمس .
-2-
وما أحلى الإقبال على المنهج الرباني المرسوم لصلاح الفرد والمجتمع والأمة في القرآن العظيم …،
كما أنّ توجيهات ووصايا اهل البيت (عليهم السلام) تعتبر المنهل العذب لكل الظامئين الى التكامل والسمو النفسي والروحي والاخلاقي والاجتماعي فهم عَدْلُ القرآن ، يوضحون آياته ويجسدون مفاهيمه السامية .
-3 –
وقد جاء في وصايا الامام علي بن الحسين زين العابدين ( عليه السلام ) ما يمكن اعتباره خارطة الطريق للسكالكين في ميدان التعامل الاجتماعي والنقاء النفسي والروحي .
قال عليه السلام :
” اجعلْ مَنْ هو أكبر منك بمنزلة الوالد ،
والصغير بمنزلة الولد ،
والترب بمنزلة الأخ
فايُّ هؤلاء تُحب أنْ تهتك ستره ؟ “
لابد أنْ نُحيطَ كبارنا بالتوقير والتعظيم ،
وأنْ نحنو على صِغارِنا كما نحنو على الأبناء ،
وأنْ تتعايش مع أقراننا وكأنهم أخوتنا
وفي ظلّ هذا المسار السليم ينتظمُ أمرُنا على الصعيد الاجتماعي ايما انتظام .
والملاحظ – وللاسف الشديد – أنَّ الدرجة المطلوبة من التمسك بأهداب الآداب والأخلاق قد مُنيت بانتكاسة شديدة … اختلط معها الحابل بالنابل فلم يعد الطالب يوّقر استاذه ، وتفشت موجات العنف حتى داخل الاسرة ، ولم يعد يتورع الزميل عن الايقاع بزميله …
ويطول النواح اذا أردنا الخوض في التفاصيل …
انّ كل ما نُعانيه مِنْ أزمات – وفي طليعتها أزمة الفساد المتفشي – ما هي الاّ المثال الواضح على اختراقات الفاسدين لحقوق الكبار والصغار دون هوادة ..
-4–
وقال (عليه السلام) :
{ وإنْ عَرَضَ لك الشيطان أنّ لك فضلاً على غَيْرِكَ فانظر :
انْ كان أكبر منك فقل :
قد سبقني بالايمان والعمل الصالح فهو خيرٌ مني ،
وإنْ كان أصغر منك فقل :
قد سبقتُه بالمعاصي والذنوب فهو خيرٌ مني ،
وان كان ترِبك فقل :
أنا على يقين من ذنبي ،
وفي شكٍ مِنْ أَمْرِهِ ،
فمالي أدع يقيني لشكي ،
وانْ رأيتَ الناس يعظمونك فقل :
هذا فضلٌ أخذوا به ،
وإنْ رَايت منهم جفاءً فقل هذا لذنب أَحْدَثْتُه ،
فانّك إنْ فعلت ذلك سهل الله عليك عيشك ،
وكثر اصدقاؤك ، وقلّ اعداؤك ،
وفرحتَ ببرهم ، ولم تأسف على جفاء من جافاك “
قد يُزينُ لك الشيطان – بمكائده وأحابيله – انّك تملك من الفضل والمقومات والمؤهلات ما تتفوق به على غيرك،ويدعوك الى التعامل معهم من منطلق الاستعلاء والاستكبار فتكون المحصلة النهائية مساراً حافلاً بألوان من الاعوجاج والتقعر ..
وهنا لابُدَّ لك ان تستذكر بعض الحقائق :
انّ مَنْ يكبركَ سنّاً قد سبقَكَ الى الايمان والعمل الصالح،وهذا السبق يضمنُ له التفوق عليك فهو خير منك …
وأمّا مَنْ هو أصغرُ منك فقد سَبَقْتَهُ الى اجتراح المعاصي والذنوب فكيف تتقدم عليه وهو أصلح منك وأفضل ؟
وأما الذي هو من أقرانك في العمر فأنت لا تملك اليقين في أنّ صحائفه ملوثة بالذنوب ، بينما أنت على يقين مِنْ تلويث صحائفك بالمعاصي والذنوب، وهذا اليقين بحد ذاته يقف سدّاً منيعا بوجه ما تراه في نفسك ازاءه، ويدعوك الى الاعتراف بالخطأ في حساباتك .
وقد تخدعك نفسك لما ترى من حفاوة الناس بك وتعظيمهم لك .. وعليك إنْ تعتبر هذا الاقبال عليك فضلاً منهم عليك، وإنْرأيتَ إعراضا منهم وجفاءً فلا تلمون الاّ نفسك ، واتهمها بالتقصير الذي كان سببا لما رأيت
ومتى ما التزمت بهذه الخارطة المرسومة لكَ مِنْ قِبل الامام زين العابدين (ع) أمكنكَ أنْ تنعم بما تصبو اليه مِنْ سكون واطمئنان وسلامة في الدنيا والآخرة .

حسين الصدر

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة