8 رصاصات مصطفى عبود

في الوقت الذي كان فيه الخياط

يعدُ القماش، يقص القماش، يصيرهُ

ليكونَ بذلات للجنود

كانت الماكينةُ – ماكينةَ الخياطة-

تنظر الى العالم

من عين إبرة.

2

مذ رأيتُ وجوه الجنود مبتسمةٌ وبلون واحد

تتسارعُ لقضاء إجازة في الحرب

صدقتُ كلام أمي

حين كانت تقول:

لا تكذب

كي لا يسمر وجهك.

3

تقول بندقيةٌ

لجندي شارد الذهن مصاب:

لا تضغط على الزناد

قبل أن أعرفَ اسم حبيبتك

ولا تصوبْ

نحو شيء ثابت

كي لا أحس بأنك لا تحبها

فالثوابت تخشى مزاولة الذكريات.

يقول أسيرٌ في الحرب:

سببُ خسارتنا

أننا وثقنا بالقماش الأخضر

أكثر من نقطةٍ خضراء على معاصم جداتنا

وكانت نياتُنا

أصغرَ من مساحة الوطن

لذلك لم نره!

4

ما الداعي للسجن

ونحن أصلًا مسجونون في معدة الحرب كقرحة؟

ولماذا نهين الحديدَ

نحن الذين نشعرُ بالخوف والرطوبة؟

الحديدُ لم يولدْ ليكونَ قضبانًا

الحديد للسكك مثلًا

 وكيف يرضى المرءُ

ان يكونَ سجانًا ولديه أسرة؟

أُفضل أن امسح أحذية المارة مجانًا

على أن أحملَ قفلًا لزنزانة.

5

أن تخوض حربًا

لا يعني ملء حقيبتك بصور العائلة والحبيبة

فمن الممكن أن تموتَ

أونت تحلمُ بتلك الرصاصة

التي أخطأتك عمدًا

لتهبك موتًا أكثر دهشة!

صرخة الولادة

هي نفسها التي يُطلقها ظلكَ

قبل موتك بقليل.

6

رموا سهامهم نحو الشمس

ولم يتتبعوا أثرها

فظنوا بأنهم قتلوا النهار

كتبوا في وصاياهم:

بعد الموت

لا تغلقوا عيوننا

اعتدنا رؤية الظلام.

7

هي روحكَ الطرية في حياة ما

كانت مرصعةً بكل حبة قمحٍ راوده حلم

بعيدًا عن المناجل والأيدي

فنَمت خضراء اللون

الحياة روح تائهة

ولا مجال للغريب أن يحلم

وان تخلت الشجرةُ عن جذورها لأرض غريبة

يصبحُ للماء موتٌ آخر.

8

أبشع طريقةٍ للعيش

أن تكون الناجي الوحيد في الحرب

لذلك لا تعدْ وأنت محملٌ بصراخ الآخرين.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة