هاشم مهدي السوداني
خبير قضائي
كثيرون هم ابناء بلادي سافروا الى دول عديدة بمختلف مسمياتها بعد تغير النظام وشاهدوا اثناء سياحتهم او امورهم العلاجية او التجارية وعادوا وهم يعبرون عن نشوتهم وراحتهم وتعجبهم اثناء سفرهم لهذه الدول وقد شيدت العمارات والانفاق والعمران وشاهدوا التقدم الكبير والفجوة الواسعة بين بلدنا والعالم الاخر … وكيف يعيش المجتمع هناك وهم ملتزمون ومنسجمون بتطبيق النظام واحترام الانسان بالرغم من تعدد واختلاف الاجناس والديانات والالوان وكم هو الالتزام والاحترام للتقاليد والعادات والسلوكيات , التي يحكمها النظام المعزز بالقانون الذي لا يعلو عليه شيء لان مهمة السلطة حماية التشريعات وواجب تطبيقها وردع اي تمادي او تطاول على المقومات المكملة لنظام الدولة وهذا ينطبق على ابناء البلد ومع الجميع وكم هو الرقي وانت تشاهد الحرص الكبير على الاملاك العامة والبنية التحتية والجميع يساهم بالنظافة وترصين امور الرقي …
انتهت رحلتي وعدت الى بلدي اعظم واقدم الحضارات بتاريخه وعنوانه الثري وقد تغيرت الصورة تماما اي انقلبت الموازين حيث يعيش شعبنا وكأنه تربى على العبث والتخريب مضطرين على مد الاسلاك الكهربائية المخيفة والمتقاطعة ومدى تاثير ذلك على ايصال الطاقة الكهربائية ناهيك عن التجاوزات ولا يكاد مكان ليس فيه تخريب وانتهاك على (الماء الصافي) وانابيبه وحدث ولاحرج على الاسراف والتبذير وعدم احترام (سر الحياة ) هذا الماء الذي يبذر ويلحق جريانه غير المنظم الضرر على الشوارع والبنى التحتية هذه الهبة التي لايمكن ان تقدر بثمن وكيف وان انهارنا تشكو الشحة من مصادرها لدى الجيران , وتعتبر تركيا الممول الرئيس لذلك كون امطارها المستمرة والثلوج واجوائها اضافة الى السدود المشيدة والبنية التحتية المحكمة … هذه الثروة المتجددة بطبيعتها غير قابلة للاستنزاف والنضوب و هذا يحتاج الى نظام صارم لا يسمح بالاسراف او الاستهلاك العشوائي ويصرف وفق (بطاقة الشحن ) للاستخدام سوى في البيوت و الشقق والفنادق والمؤسسات والمباني وهذا النظام الالكتروني حافظ على هذه النعمة واستخدامها حيث يساهم هذا بانتاج الطاقة الكهربائية … هذه الصورة الوردية التي عكست جزء يسير عنها بهذه الدولة فان المشاهدات اليومية في بلدنا تدمي القلب وانت تشاهد التبذير والعبث حيث غسل الاف السيارات التي تسبب بتخسفات الشوارع والتكسرات في انابيب ايصال الماء الصافي والمهملة من الرقابة والمعالجة هذه صورة بسيطة عن هذه المأسات المستمرة يومياً وبدون اي تعليمات او ضوابط تعجل بتصحيحها وهكذا تعيش معظم محافظاتنا ومدنها بهذا السلوك العشوائي وفي مقدمتها (العاصمة بغداد) فان بلدنا بأمس الحاجة لثورة إصلاحية بالبنى التحتية ووضع المخططات والخرائط السابقة التي أسست على أساس تنفيذ المشاريع لدى(امانة بغداد) . عندما كانت تسمى (امانة العاصمة ) التي ضاعت هي وامانتها ومن عاش وشاهد الخطط الانفجارية في منتصف القرن العشرين سيكون امامكم ما من قرية وقضاء ومحافظة وازقة وشوارع فرعية ورئيسية الا وقد شملتها المشاريع لاسيما (محافظة بغداد ) والمحافظات الاخرى , وما من مكان الا وان تشاهد عنوان لاي مشروع يبداء بعبارة ( نأسف لازعاجكم ) , وقد تغير شكل البلد في كل نواحي الاعمار يقود ذلك نظام ورقابة و( نزاهة تامة) يحكمها القانون ومعظمها قد نفذ بايدي عراقية وبشركات حكومية واهلية ولازال نفق (الباب الشرقي – ساحة التحرير ) شاخص امامنا كنموذج نفذه (مقاول عراقي) بكادره المتمكن والامثلة كثيرة وكثيرة … ومعظم الطرق والمواصلات ميسرة ولكن توجد بعض التحذيرات مسبقة عن حفر او تبليط او تنفيذ اي مشروع وكل شيء ينجز حسب الخطط والمواعيد , وبعدها ترفع يافطت ( ناسف لازعاجكم نحن بخدمتكم ).
اعرض امامكم صورة مضحكة مبكية يعلم بها الكثيرو كيف يحضر العديد من مسميات رجال الدولة وقد احاطت الحمايات المدججة والفريق الاعلامي المتحزم بوسائله وعشرات السيارات حتى يحضر هذا المسؤول المبجل اليوم كي يفتتح (نافورة) نعم لا تستغرب (نافورات) ماء في حديقة بائسة وفي احدى الشوارع والكورنيشات , في حين كان المنفذ لذلك ( موظف فني وعامل بناء وفلاح) , ومن منا لا يتذكر حملت التخريب الصارخه عندما استولى الفاسدون على مشاريع تبديل الارصفة ووضع (المقرنصات) وغيرها وهم يتكلمون على مشاريع كبيرة بالتخطيط وقد بيعت على اكثر من راس فاسد وبالتالي بقية ( حبر على ورق) يشاهد الناس اليوم في جانب الرصافة (قناة الجيش) حيث استبشروا خيراً وفرحاً وصرفت عليها اموال طائلة ليترك على حالة لحد يومنا هذا , وهذا وغيره يحصل كثيرا وباساليب أباطرة الفساد … واكثر ما يحز بالنفس والوطنية ان علمائنا في كافة المجالات رحلوا مع عوائلهم تركوا بلدهم واخذوا عقولهم في مجالات طبية وهندسية وذرية وتكنلوجية وغير ذلك من العلوم التي كانت قادرة على (قيادة البلد) في مجالات عديدة وهكذا هم الان بمواقع متقدمة في ميادين دول عالمية وبمنافسة علمية شريفة , فما دامت الوطنية والنزاهة والشرف قد غابت عن اغلب اصحاب القرار وبعض المسؤولين وبكل شتاتهم حيث( لا تنتظر من الثور ان يلد) وامامي صورة مشرفة وعظيمة عن بلد صغير في دولة افريقية صغيرة قادته امراءه كبيرة بعلمها وشرفها ونزاهتها هذا البلد الفقير المعدم لايوجد احد يعيش عليه سوى الانسان والارض والماء ولا توجد فيه اي معادن كالنفط او غيره هذه الاستاذه الدكتوره العالمة في مجال الكيمياء العضوية اسمها ( د. امينة غريب) امينة باسمها وفعلها حتى قلبت كل الموازين هناك لتكون ( رئيسة جمهورية موريشيوش ) وتصبح هذه الدولة اغنى دول افريقيا وارقى مرافىء سياحي وهي تقول ( انا لم اختر السياسة بل السياسة هي التي اختارتني) هذه الرئيسة المنتخب مسلمة في بلد فيه (15%) من المسلمين نعم هكذا هي الضمائر الحية عندما تنسجم وتعمل بالنزاهة ونكران الذات … وهنا صورتان تحاكي المثل القائل ( شر البلية ما يضحك ) حيث بعد افتتاح الملعب الدولي في كربلاء هذا الصرح الكبير الذي اصبح مصدر بهجة وفخر عند انجازه وشاهده الحاضرون في الملعب والشعب عبر القنوات الفضائية التي نقلت لوحة هذا المهرجان الرياضي الكروي الجميل وتخلل هذه الفعاليات طلة الفنانة البنانية وهي تعزف النشيد الوطني العراقي بمفردها والتي امتعت الجميع بهذا النغم الجميل والذي انسجم مع الكرنفال وظهر بابها صورة .. ولكن في اليوم الثاني وبعد انتهاء الاحتفال وترك الملعب وهذه النجاحات التي رافقت المهرجان ليتفرغ البعض من المغرضين والجهلة بالنقد الفارغ والتعليقات الساذجة معترضين على كيفية حضور هذه الفنانة وهي تعزف بدون حجاب ؟؟؟ تاركين هذا الصرح الرياضي الكبير والبناء الشامخ الذي وضع بصمة واضافة لبلدنا وللمحافظة والرياضة العراقية والدولية ولازال حتى يومنا هذا يتغنى الجميع بما قامت به هذه العازفة البارعة ونحن اليوم نشاهدها ونتمتع بانغام النشيد الوطني الذي صيغ بابدع صورة يسمع عبر القنوات العراقية العديدة … اما اذا تاملنا الصورة الجميلة الى ابنتنا العراقية المهندسة المعمارية الفذة ( زها حديد) رحمها الله والتي صممت ونفذت العديد من ابداعاتها الهندسية الرائعة للفنادق والجسور والابنية في ارقى دول العالم لتبقى ذاكرة متميزة بهذه التصاميم كما وانها تركت بصمتها في بلدها العراق بعد ما صممت وابدعت في بناية البنك المركزي العراقي الشامخ في العاصمة بغداد – الجادرية- ليبقى عنوان كبير نفتخر بما حققته هذه الانسانة الفذه في علمها وانجازها ولكن لا غرابة ان تسمع بان هذه المبدعة الراحلة كانت( غير محجبة ؟؟؟ ) اذن كيف ننتشل وطننا وسط بعض هذه العقول المريضة التي تسلطت على مقدرات بلدنا وطننا واوغلت وتسببت برحيل افضل ما يملكه العراق بهذه الطاقات الخلاقة وبمجالات عديدة … ولكن هذا ما خطط له الفاسدون الذين تسببوا بدمار البلاد والعباد حتى يومنا هذا وهم يقصفون عقول العلماء العراقيين الشرفاء لتخلو الساحة بين ايديهم المتسخة باموال السحت بعدما سرقوا ودمروا كل شي في بلادي … فهل من امل يعيدنا ونحن نشاهد يافطات تنتشر في بلادي ومكتوب عليها
( ناسف لازعاجكم ونعمل لخدمتكم )