الحدود البحرية التركية الليبية..
الصباح الجديد ـ متابعة:
في زيارة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية الجديدة، عبد الحميد الدبيبة، لتركيا، أكد على استمرار الاتفاقيتين المثيرتين للجدل اللتين عقدتهما حكومة الوفاق، في 2019، مع أنقرة حول ترسيم الحدود البحرية والتعاون الأمني.
وفي نفس الوقت الذي كان فيه الدبيبة يزور تركيا برفقة 14 وزيرا، كان نيكوس ديندياس، وزير خارجية اليونان، التي تشهد توترا مع أنقرة، في بنغازي، ثاني كبرى المدن الليبية، حيث أجرى محادثات مع نائب رئيس حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، حسين القطراني، على أن يلتقي رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، في وقت لاحق.
الاتفاقيتان الأمنية والبحرية بين تركيا وليبيا، كانتا قد أثارتا غضب جيران ليبيا في شرق البحر المتوسط، ونددت بهما مصر واليونان وقبرص.
تحدد الاتفاقية البحرية التي لا تعترف بها الدول الأخرى المطلة على شرق البحر المتوسط، الحدود البحرية بين تركيا وليبيا في منطقة غنية بالغاز الطبيعي. وتعتمد تركيا على هذا النص لتبرير أنشطة التنقيب عن الغاز الذي تقوم به في مناطق تقع نظريًا في المجال البحري لليونان أو قبرص.
الدبيبة من جهته قال في المؤتمر الصحفي مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان: “فيما يتعلق بالاتفاقيات الموقعة بين بلدينا وخاصة تلك المتعلقة بترسيم الحدود البحرية، فإننا نؤكد أن هذه الاتفاقيات تقوم على أسس صحيحة وتخدم مصالح بلدينا”.
وقال عضو مجلس النواب الليبي، أبو بكر بعيرة، في تصريحات صحفية إن الوضع لا يزال غامضا حتى الآن “ولا أحد يعرف ما إذا كانت الاتفاقية في الحقيقة هي في مصلحة ليبيا أم لا”.
ورأى مدير معهد البحوث العربية والأفريقية، مجدي الجمال، في حديثه صحفي أنه ليس من حق الدبيبة وحده أن يقرر إذا ما كان سيستمر في هذه الاتفاقية مع تركيا أو لا. هناك برلمان أيضا كما أنه لا يعبر عن حكومة منتخبة انتخابا مباشرا من الليبيين”.
وأضاف “قد تكون ورقة يضغط بها الدبيبة على تركيا من أجل سحب المرتزقة الذين أحضرتهم أنقرة لبلاده خاصة وأن الأخيرة متباطئة في هذا الملف”.
وعلى الرغم من انتهاء القتال بين طرفي النزاع منتصف العام الماضي، وصمود اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن ليبيا لا تزال تقوضها صراعات نفوذ ووجود قوات أجنبية ومرتزقة، وتكرر السلطات الجديدة والأمم المتحدة وقوى دوليّة المطالبة بانسحابهم “الفوري”.
ويبلغ عدد القوات الأجنبية والمرتزقة في ليبيا نحو 20 ألفاً، بحسب الأمم المتحدة.
ويقول المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، إن الدبيبة يسعى من زيارته لتركيا إلى عقد التعاون الاستراتيجي التركي الليبي الذي تم الاتفاق عليه في 2014”.
لكن ما لفت انتباه المهدوي أن الدبيبة عندما قال إن هدف الزيارة هو الدعوة إلى احترام السيادة الليبية وعدم التدخل في الشأن الداخلي الليبي إنه كان “مغايرا جدا لتصريحات إردوغان التي رأيناها منتهكة للسيادة الليبية عندما يوجه كلامه بأنه سيساعد في إعادة هيكلة الجيش الليبي وأن هدفه مساعدة حكومة الوحدة الوطنية على بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، هذا شأن داخلي ليبي لا علاقة لتركيا ولا لإردوغان به ولا لغيرهم”.
وأبرمت أنقرة هذه الاتفاقية البحرية مع حكومة الوفاق الليبية السابقة التي كانت تحظى باعتراف الأمم المتحدة ومقرها طرابلس، عندما واجهت الأخيرة هجومًا لقوات يقودها المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق ليبيا.
وبعد سنوات من النزاع وبرعاية الأمم المتحدة، شُكلت في ليبيا حكومة موحدة يقودها الدبيبة مكلفة بقيادة المرحلة الانتقالية حتى تنظيم انتخابات وطنية في نهاية ديسمبر.
ويرى المهدوي أنه “عندما تم الاتفاق بين الليبيين، كان بناء على رغبة جميع الأطراف الليبية في وقف الحرب وإعادة الاستقرار إلى ليبيا وليس بناء على رغبة تركيا”.
لكن أستاذ العلاقات الدولية التركي، سمير صالحة، يشير إلى أن بلاده هي الدولة الوحيدة التي وقفت مع حكومة الوفاق الشرعية في ليبيا، “وهو ما قلب كل التعاملات مع الملف الليبي وأدى إلى هذا المسار الجديد”.
وأكد في مقابلة صحفية أن النقطة الأساسية التي تهدف إليها تركيا، هو استمرار التنسيق بين البلدين وقطع الطريق على محاولة استهداف المصالح التركية في ليبيا، مشيرا إلى أن الجانب الليبي طالب تركيا بشكل مباشر بالعودة إلى إكمال المشاريع الاستراتيجية التي بدأتها في المدن الليبية.
ووقع إردوغان والدبيبة، امس الاول الاثنين، سلسلة من الاتفاقيات التي تهدف إلى تعزيز التعاون، وخصوصا الاقتصادي، بين بلديهما.
اليونان تبحث عن مصالحها
في المقابل، شدد وزير الخارجية اليوناني، في زيارته لبنغازي، على ضرورة خروج المرتزقة من ليبيا، قاصداعلى وجه الخصوص، أولئك الذين أحضرتهم أنقرة إلى ليبيا للتصدي لحفتر، الذي تسانده روسيا بالمرتزقة أيضا.
وكان رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، قد توجه إلى العاصمة الليبية، طرابلس، الأسبوع الماضي، حيث أعلن إعادة فتح سفارة بلاده.
وتطرق ميتسوتاكيس عقب محادثاته مع نظيره الليبي إلى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية التي أغضبت أثينا والاتحاد الأوروبي، لا سيما بالنسبة إلى مسألة احتياطيات الغاز في شرق المتوسط.