الترجمة والمراحل الترجمية باختصار جدا

علوان السلمان

الترجمة، فعل ابداعي ونشاط لغوي ولساني معرفي يسهم في تنمية الحركة الثقافية والمعرفية..من اجل تحقيق مستوى حضاريا متماشيا وحركة التطور الكوني عبر الزمن الصاعدة الذي وسم بـ (عصر السرعة).. كونها قنطرة للتلاقح بين ثقافات الشعوب وفق نسق فكري ومعايير تسهم في انتظام سيرورتها الناقلة لنص من سياق ثقافي الى سياق ثقافي آخر ابتداء من( لغة الانطلاق) الى(لغة الوصول) او من(لغة المنبع الى لغة الهدف)..بتجاوز الافق الجمالي والفكري الدلالي نحو آفاق ثقافية متطورة. فتغدو قناة تواصلية تختصر المسافات باعتمادها ثنائية اللغة والفكر التي تتطلب مهارة تحويل النص من لغة الى اخرى مع الحفاظ على اسسه البنائية و محمولاته الفكرية بنقل المعنى لا الكلمة حرفيا ونقل الزمن ومدلولاته، اضافة الى نقل الاسلوب بشكل واضح بعيد عن الضبابية والغموض..وثنائية الذات والآخر لتحقيق البعد التواصلي..
وقد عرف العرب الترجمة ومنحوها اهمية قصوى واشتغلوا على عوالمها كونها اداة للتواصل والمحيط الانساني منذ انفتاحهم على العالم بحكم التجارة او الترحال لطلب العلم. حتى انها اصبحت منظمة زمن الدولة الاموية.. واصابها الرواج والتطور في العصر العباسي بسبب اتساع الفتوحات والاحتكاك بالعالم الخارجي فضلا عن تشجيع الخلفاء والامراء.. فترجموا عن اليونانية الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة..
اما اليوم فقد ظهرت نظريات في المفاهيم الترجمية منها نظرية(الثالوث) لجورج ستافير.. حيث وضع للترجمة ثلاث طرق..الحرفية(الكلمة بالكلمة).. والحرة(الدلالة بالدلالة) والترجمة الامنية، كونها حقل من حقول المعرفة المتفردة بخصائصها وتشعباتها، ونتاج فني يتطلب الدقة والحرفية العالية التي لا تقل اهمية عن التأليف، لأنها اعادة صياغة الافكار والرؤى والاحاسيس بطريقة منهجية ومهنية لتحقيق نص مستفز للذاكر المستهلكة من جهة.. واضافة خلاقة يزهو بها الفكر الانساني من جهة اخرى..
ولا يفوتنا ان نذكر ان فن الترجمة والابداع الترجمي يجب ان تتوافر فيه عدة متطلبات معرفية تتمثل في قواعد اللغة ومدلولاتها، مع قدرة على اعادة الصياغة والتعبير مبنى ومعنى مع الحفاظ على جوهر الفكرة بلغة معبرة عن الدلالة العلمية او الادبية بشكل دقيق يتخذ من اختيار المفردات الواضحة للتعبير عن المبنى والمحتوى، اضافة الى ذلك يتوجب على المترجم ان يكون فكره موسوعيا مكتنزا بالمهارات الترجمية عموما والمصطلح خصوصا، تنحصر في معرفته باللغة المترجم لها والمترجم عنها.. فضلا عن ان يكون مطلعا وعارفا بثقافة المجتمع الذي تنتمي اليه المادة المترجمة والمترجم اليها، مع تمتعه بحس ادبي وثقافة موسوعية مكتظة بالمفردات والعبارات التركيبية لتحقيق عملية الترجمة الدقيقة التي تتوطد اركانها عبر مرحلتين اساسيتين: اولهما المرحلة التحليلية للنص المراد ترجمته من اجل الكشف عن مضمون المكتوب باللغة المصدرة. وثانيهما الصياغة واعادة البناء لخلق نص مواز للنص المترجم.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة