الكتمان نوع من الارجحية والاجهار يؤمن الرضا احيانا

أحلام يوسف
هناك حديث للنبي محمد “ص” يقول فيه “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، وثمة مثل مصري شعبي يقول “داري على شمعتك تقيد”، فهل يمكن ان يكون الإعلان عما نحن مقدمون على فعله سببا بعرقلته؟ هل يندرج ذلك ضمن باب التشاؤم دون التفاؤل.
يقول الكاتب المصري والمسرحي علي سالم بالمثل: عدد كبير منا يمشي في شوارع الدنيا المظلمة وقد أوقد شمعة، فحتى لو كان الهواء ساكنا، فلا بد أن تكون أنفاس الناس قوية إلى الدرجة التي تطفئ معها شمعتك، ولذلك عليك أن تداري عليها. المثل لا يطالبك بإخفاء حقيقتك، بل يطلب منك بذل مجهود لحماية هذه الحقيقة. كان من الصعب عليّ ولسنوات طويلة الأخذ بهذا المثل ومراعاة تنفيذه في حياتي، ربما بدافع من الغرور، أو الإحساس الزائد بالثقة بالنفس، وكأنه لا يوجد على الأرض من هو قادر على إطفاء شمعتي، أما الآن فأستطيع أن أقول لك بافتراض أنني قد حصلت درجة معقولة من النضج، أنه يوجد دائما من هو قادر على إطفاء شمعتك، وأن الطريقة الوحيدة للحفاظ على ما توفره لك من ضوء، أن تداري عليها.
يمكن ان نقول ان هشام النقاش الباحث بعلم الفلسفة كان بالضد من حديث سالم اذ قال في هذا الموضوع: هناك من يسعى الى احاطة جميع شؤونه الاسرية والوظيفية بالسرية، حتى وان كان الموضوع يخص تفصيلة اعتيادية لن تهم أكثر الناس فضولا، وحينما نسأله عن سبب المبالغة بإحاطة كل ما يخصه بالسرية يستدل بحديث الرسول “واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان”، لكن هل كان ذلك هو غاية الرسول، هل أراد منا ان نسوّر حياتنا الخاصة بكل تفاصيلها بأسوار عالية وجدران كونكريتية، تعزلنا فيما بعد عن العالم”.
وتابع: ان الغاية من هذا المثل، احاطة كل ما يخص شؤون الدولة، والغزوات التي كانوا يقومون بها وقتذاك، كي لا يسمح لأي كان كشف تحركات الجيوش الإسلامية بقصد او من غير قصد، إضافة الى انها قد تكشف نقاط ضعف الجيش مما يؤدي الى اختراقه وهزيمته بالمعركة، اما الأمور الخاصة فلا اعتقد انها ذات أهمية بحيث يخصص لها الرسول حديثا، فحتى موضوع الحسد، لا اظنه يمكن ان يكون سببا لهذا الحديث، فهناك احاديث كثيرة ذكر بها موضوع الحسد منها على سبيل المثال قوله ” دب إليكم داء الأمم قبلكم، الحسد والبغضاء”، لذلك فانا اجد ان الحوائج التي يعنيها الرسول، بعيدة عما يفسره الناس اليوم، فكان يخص بها الدولة، واليوم يمكن ان نسقطها على كل معلومة تخص العمل الذي نقوم به، فان اسرار أي عمل حتى وان كانت ليست ذات أهمية بالنسبة الينا فهي مهمة بالنسبة الى صاحبها.
الكتمان بنحو عام صفة محمودة، شرط ان لا تكون هناك مبالغة بها، لان المبالغة بوضع حجاب بيننا وبين الاخرين يمكن ان يتحول الى مشكلة نفسية مستقبلا، فمشاركة الاخرين بأفكارنا وقراراتنا احدى أسباب التواصل والثقة والرضا الذي نطمح اليه جميعنا.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة