داعش أعلى مراحل الاسلاموية

منذ ان ولدت الجماعة الام لحركات الاسلام السياسي الحديث (الاخوان المسلمون) في مصر وشعارها المستند الى أكثر من الف عام من السبات والروايات المعطوبة: (الاسلام هو الحل) ومضاربنا المنكوبة من (بغدان لشيشان) تعج بمشاهد القوافل المنحدرة اليها من كل فج جاف وضحل، لم تكتف بجماعة التكفير والهجرة ولا طالبان ولا ابداع الاشقاء النيجيريين في (البوكو حرام) وباقي الارتال المدججة بكل ماهو منحط  في تاريخ سلالات بني آدم، في التعاطي مع ما حاولت شرائع السماء تكريمه ذات عصر. وما حصل مؤخراً في مضاربنا المنكوبة بهذه الغيبوبة الطويلة والاغتراب عما يحصل في هذا العالم الذي حولته الثورات العلمية والقيمية الى قرية، ليس سوى نتاج طبيعي لحقول الهذيان الجمعي والذي اشرفت عليه فروع هذه الجماعة الاخطبوطية وهيئة اركانها المستقرة بفقاعة الغاز الاممية (دويلة قطر) وسلاح دمارها الشامل قناة الجزيرة الاعلامية.

ان الاعلان عن عودة الروح لمؤمياء الخلافة الاسلامية في مدينة الموصل، ومبايعة زعيم تنظيم داعش القرشي الهاشمي الحسيني (ابراهيم البدري) خليفة على التضاريس التي سيضمها فسطاط مهاجري وانصار ما بعد الحداثة، يعني ان القوم قد حسموا أمرهم، وان الضفة الاخرى من الجهاد الاسلاموي قد وصلت الى مراحلها العليا، بعد ان انجز الايرانيون مهمتهم في جمهورية ولاية الفقيه. هذا الماراثون الجهادي والذي استقطب لصولاته وفزعاته كل اليائسين من رحمة الارض والسماء، والمندفعون بالضد من حاجات وتحديات هذا العصر المترع بالفتوحات المتنافرة ومشاهد سفك الدماء على وقع الايقاعات والشرائع التي عفا عليها الزمن بعد تجفيف مستنقعات محاكم التفتيش وغيرها من محطات ما قبل سن التكليف الحضاري الذي عرفته البشرية بعد الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

ومن سوء حظ سكان هذا الوطن القديم ان تختاره الأقدار وبفعل الهزائم الشنيعة التي تعرضوا اليها وخاصة في العقود الاربعة الأخيرة، لأن يكون مكاناً لولادة مسخ هذه التجارب الاسلاموية (داعش والخليفة)، ومثل هذه النتائج المأساوية يتحمل وزرها كل من تنطع للمسؤوليات القيادية في حقبة ما بعد سقوط النظام المباد، وعلى رأسهم دعاة المحاصصة الطائفية والعرقية وسدنة الفساد الشامل الذي افترس الاحتياطات الهائلة من موارد البلد المادية والبشرية. ان الانتصارات المزعومة لداعش وغيرها من فروع الاخطبوط الاسلاموي هو انتصار لكل أولئك المتمرسين خلف كبسولات الهذيان الذي صنعته مختبرات الجماعة، حيث يتم تداول المواقع والغنائم على حساب حاضر ومستقبل شعوب وملل هذا الفسطاط المبتلى برايات الغيبوبة العظمى.

 

جمال جصاني  

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة