داعش.. جيل البعث الثالث

لا يتناطح كبشان على حقيقة حزب البعث بوصفه حزباً للدمار الشامل لا في العراق وحسب بل في جميع المضارب المنكوبة بوجوده بما في ذلك مسقط رأسه بلاد الشام. وفي العراق تعرَّف سكان هذا الوطن القديم على الملامح البشعة والاجرامية لهذا التنظيم مع الجيل الأول للمنتسبين له في شباط من عام 1963، عندما تمكنوا، وبدعم من ائتلاف واسع من القوى المعادية للمشروع الوطني العراقي (الجمهورية الاولى)، من إجهاض تلك التجربة الرائدة، عبر ممارسات وحشية وانتهاكات لا مثيل لها استهدفت خيرة بنات وابناء العراق آنذاك. سلوك مشين وأعمال غاية في القذارة، أجبرت شريكهم المقبور عبد السلام عارف على إصدار كراس يفضح جانباً من مآثر الجيل الأول للبعث باسم (المنحرفون).

هزيمتهم السريعة نهاية العام المشؤوم نفسه، لم تجعلهم يتوقفون عن منهجهم في الخسة والغدر، ولم يمر وقت طويل حتى تسللوا مجدداً للغنيمة الأزلية (بستان قريش) خلف وابل مكثف من الديماغوجية والقذائف الدخانية أو ما اطلق عليه بـ(الثورة البيضاء)، التي تذكّر بجريمتهم السابقة، المسماة (عروس الثورات) عندما عادوا للسلطة عام 1968، والتي حولت الحياة في هذا الوطن الذي كان مترعاً بالآمال والطموحات المشروعة الى معتقل متخم بالكوابيس والحرائق والحروب المتواصلة ليومنا هذا.

حقبة (جمهورية الخوف) التي اسسها الجيل الثاني (المذعور) الذي ولد من رحم اجتماع قاعة الخلد عام 1979 انتهت لحظة انتشال شيخ جرذان القاعة من حفرته الأخيرة لتسلم راية الرسالة الخالدة الى الجيل الثالث من البعث كي يتصدى لمتطلبات مرحلة الفوضى الخلاقة، والتي اشتد عجاجها بعد الموجة الاولى من (الربيع العربي) مع الارتفاع غير المسبوق في بورصة الاستثمار في حقول التدين والايمان العابر لزجر الزمان والمكان، والذي تمثل داعش احدى ابرز تجلياته الراهنة.

ومن يتفحص قليلاً في ممارسات وسلوك هذا التنظيم (داعش) الذي تورم فجأة، ليبسط هيمنته على مناطق واسعة من العراق وسوريا لا يحتاج الى جهد كبير ليكتشف ما قاله اسلافنا يوماً: (من يشابه أباه فما ظلم) حيث السلوك البعثي والممارسات والتقاليد ذاتها التي ميزت الجيلين الاول والثاني من ناحية الخسة والهمجية والغدر والارهاب. وقد كشف مؤتمر عمان الأخير، الذي عقد في 17 تموز الحالي وبشكل لا يقبل الشك والتأويل صلة النسب والجينات الوراثية المشتركة لهذه الاجيال الملوثة من حزب الدمار الشامل هذا، الذي أسهم (أولو الأمر الجدد) ممن تلقف مقاليد الغنيمة الازلية بعد الفتح الديمقراطي المبين من رفدهم بكل ما يحتاجونه من مبررات وحجج للتسلل مجدداً وهذه المرة من معطف بعث الخلافة..!

 

جمال جصاني

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة