الرباط تؤكد تراجع معدلات الفقر إلى 8 %
الصباح الجديد ـ وكالات:
قدّم «صندوق النقد العربي» قرضاً جديداً للمغرب قيمته 69.5 مليون دينار عربي حسابي أي ما يعادل 300 مليون دولار، لمساندة القطاعين المالي والمصرفي في المغرب وجهود الحكومة لتحديث هذين القطاعين، والدفع بآلياته لمواكبة تسارع النمو الاقتصادي والاجتماعي، الذي يعرفه المغرب عبر تسهيل نفاذ الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل والخــدمات المالية، ودعم الجهود الرامية إلى تعزيز الأسـواق المالية لتلبية متطلبات تمويل النشاطات الاقتصادية.
وأكد الصندوق أن القرض «سيعزز دور صناديق الاستثمار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والابتكارية، فضلاً عن تمكين النساء للوصول إلى التمويل من خلال تفعيل منتج الضمان الذي يقدم تأمينات تفضيلية للقروض البنكية المقدمة للمشاريع التي تملكها نســاء، إضافة إلى دراسة التحول من ضمان المشاريع الفردية إلى ذلك الجماعي بالنسبة إلى التسليفات للمشاريع الصغيرة، واستحداث موقع إلكتروني خاص يكون منصة تؤمن المعلومات حول سبل النفاذ إلى التمويل وآلياته.
ويؤمن الصندوق التدريب للملاكات الفنية المغربية الرسمية العاملة في بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمال والأجهزة المالية والنقدية والإحصائية، من خلال معهد السياسات الاقتصادية التابع للصندوق.
وشارك حتى الآن 556 من الكوادر المغربية في الدورات وورش العمل، التي نظمها الصندوق في المجالات الاقتصادية والمصرفية والنقدية والمالية والإحصائية.
كما استفاد المغرب من برامج المعونة الفنية المتنوعة التي ينفذها الصندوق، بهدف رفع كفاءة القطاعين المالي والمصرفي، وتعزيز القدرات في مجال العمل الإحصائي في إطار مبادرة «عربستات».
على صعيد متصل، تراجع عدد الفقراء في المغرب 9 في المئة سنوياً في الأعوام العشرة الماضية، ارتباطاً بالتطور الاقتصادي والتحسن في المستوى المعيشي والتعليمي والدخل الفردي. لكن 2,8 مليون شخص يصنّفون في خانة الفقر المتعدد البُعد، يعيش 85 في المئة منهم في القرى والأرياف.
وأفادت إحصاءات رسمية بأن مؤشر الفقر المتعدد البعد في المغرب «انخفض بين عامي 2004 و2014 من 25 في المئة إلى 8,2 في المئة، باعتماد معايير نوع السكن ومستوى التعليم والحصول على الخدمات الأساس، مثل الماء والكهرباء والمواصلات والصحة والتربية والرعاية الاجتماعية».
وكشفت دراسة أنجزتها المندوبية السامية في التخطيط بشراكة مع «مبادرة أكسفورد للتنمية البشرية»، أن «400 ألف شخص من سكان المدن، أي نحو 2 في المئة، يُعتبرون فقراء بمعايير الفقر المتعدد البعد، في حين يرتفع هذا العدد إلى 2,4 مليون شخص في العالم القروي، أي نحو 17,7 في المئة من مجموع السكان».
وكان عدد الفقراء الإجمالي يقدّر بنحو 7,5 مليون شخص عام 2004.
واعتبر المندوب أحمد لحليمي، أن «الفقر ظاهرة قروية بامتياز لأنه منتشر أكثر في البوادي والأرياف، ويقل في المدن والحواضر». لكن على مستوى مقاربة أكثر شمولية للفقر، يلاحظ أن «انتشار الفقر بنوعيه، المتعدد البعد والنقدي، يطال 11,7 في المئة من السكان أي 4 ملايين نسمة. من بين هؤلاء 480 ألف شخص يمكن اعتبارهم يعيشون في وضعية فقر حاد، بجمعهم للفقر بنوعيه النقدي والمتعدد البُعد، ويمثلون بذلك 1,4 في المئة من سكان المغرب».
وسجلت الدراسة نوعين من السكان في المغرب: مَن هم فوق خط الفقر ومَن هم تحته، وفقاً للمناطق والأقاليم التي ينتمون إليها، وضمّت محافظة بني ملال خنيفرة أعلى نسبة فقر في المغرب تصل إلى 13,4 في المئة، وتبلغ 11,3 في المئة في محافظة أسفي مراكش، و10 في المئة في درعة تافيلالت، و9,6 في المئة في فاس– مكناس، كما تــسجـل 9,5 فـي المئة فـي وجدة وشرق المغرب وطنجة تطوان الحسيمة على البحر المتوسط.
في المقابل، يقلّ الفقر في المناطق المطلة على سواحل المحيط الأطلسي، وهي لا تتجاوز 4 في المئة في الدار البيضاء الكبرى ونحو 6 في المئة في الرباط سلا القنيطرة، وتنخفض إلى 1,7 في المئة في محافظة العيون الساقية الحمراء، وتبلغ 3,8 في المئة في الداخلة أقصى جنوب صحراء المغرب، وترتفع إلى 7 في المئة في أغادير- ماسة.
وتفسر خريطة الفقر في المغرب حالة توزيع السكان، الذين يتحيّنون غالباً الفرصة للهجرة إلى السواحل البحرية، حيث تتوافر فرص التعليم والعمل والعيش في شكل أفضل.
وعلى أثر ذلك، تحولت بعض ضواحي المدن الكبرى إلى أحياء عشوائية، وفي المقابل أُفرغت بعض القرى من سكانها، ما يعكس سوء توزيع التواجد العمراني والصناعي والإنتاجي. وتوقعت الدراسات الديموغرافية بحلول عام 2040، أن يزداد عدد سكان المدن إلى 75 في المئة من المجموع، وينخفض سكان القرى إلى 25 في المئة فقط.
وكانت النسبة تقدر بـ85 في المئة للقرى و15 للمدن عام 1960. وتسعى الحكومة الى إقناع المستثمرين بتأسيس مشاريع إنتاجية لتأمين العمل في القرى والأرياف، وتشجيع الإنتاج الزراعي عبر مخطط المغرب الأخضر لحضّ السكان القرويين على البقاء في هذه القرى.
وُتقدّر مشاريع التنمية المستدامة المُبرمجة في القرى والأرياف المغربية بنحو 50 بليون درهم (نحو 5,2 بليون دولار)، لمعالجة خلل ضعف الخدمات والمرافق والصحة والتعليم والطرق والمواصلات والماء، الذي تفاقمت صعوباته في المناطق التي تواجه شحاً في الموارد وجفافاً في الأمطار.