المصائر المؤلمة لشعب كردستان

انتهينا من الجدل العقيم حول أمر واضح ومطلب جلي من قبل القيادة الكردية. فالسيد مسعود بارزاني مضى بشعبنا الكردي الى معالم مجهولة وأدخل البلد في متاهة مرهقة وحزينة ختمت شراكة مثلومة بيننا وبينه. والأعمى فقط أو الجاهل هو من لم ير ما بحدث أو لم يفهمه. فالمسار الحالي كان مرسوماً منذ عام 1991 وجرى تكريسه بهدف واضح للعيان هو تعميق كراهية الشعب الكردي بالعراق والعراقيين وأهملت كل عناصر التفاعل والتعاون والتنسيق بين بغداد والإقليم، ألغيت الدراسة بالعربية ومورست كل المحاولات الطاعنة بجسد وشعب العراق الموحد.
وأمس جرت قيادة الحزب الديمقراطي الشعب الكردي عبر التظليل والخديعة بروح الغطرسة والطيش الى قدر مؤسف لا يخدم هذا الشعب المظلوم والعزيز والذي وقفنا معه طيلة عقود من الزمن محاربين من أجل حريته من ربقة الدكتاتورية. فمن قتل الأكراد وسممهم وعذبهم وهتك أعراضهم هو نظام الفاشية الصدامية التي كانت تمارس الجرائم ذاتها ضد الشعب العراقي بمجمل مكوناته.
أذكر أننا كنا مقاتلين في صفوف البيشمركة أعوام التسعينيات ولم يتجاوز عدد المناضلين في الجبال، وبما في ذلك قوّات الحزب الديمقراطي، لم يتجاوز الخمسة آلاف مقاتل، فكم هو عدد الأكراد في صفوف أفواج الدفاع التي كنا نسميها الجحوش؟ لقد تجاوزوا 250 ألفاً وهم الذين كانوا الأكثر فتكاً بالشعب الكردي والأقسى في ممارساتهم وتعذيبهم لأبناء القرى الكردية العزلاء. ولكن مسعود بارزاني عفى عن هؤلاء وأعادهم الى الصف الكردي وسمح لهم بالدخول في أحزاب الحكم هناك. ولهذا فقول الدكتور العبادي عن الذي توافق مع صدام كان صحيحا كل الصحة.
وبالتالي فما حصل لدينا هو محاسبة خونة الشعب العراقي لسنوات عديدة ومع ذلك رفضت السلطات الكردية تسليم أولئك المجرمون الى العدالة العراقية التي مضت قدماً ولم تخضع لمعارضة الصداميين في المنطقة العربية وبالمقابل تحول هؤلاء الى التحالف مع العرب الرجعيين لضرب العراق وطعن جسده بمئات المفخخات والقنابل وسعت الى إجهاض التجربة العراقية ودفعنا ما دفعنا حرصا على سمعة العهد الجديد.
هل سمعتم يوماً أيها القرّاء الكرام عن محاكمة واحد من جحوش صدام في كردستان؟ هل تعرفون أن مسعود رفض السماح للشعب الكردي بالاطلاع على وثائق شراكة الأكراد مع علي كيماوي الذي حكمنا عليه بالإعدام غير مأسوف عليه؟
اليوم نشعر بالحزن بسبب خلط الأوراق ومن دون خجل. فهل يعقل أن يقبل مناضل حقيقي أن يكون المؤيد الوحيد لخطوات القيادة الكردية هي إسرائيل؟ إنه عار لا تمحوه الأيام ولن تنساه الأمم. عار على القيادات الكردية وعلى المثقفين التقدميين وغير التقدميين في الإقليم، ولا يغير شيئاً أن يكون البعض قد أدار ظهره لعهود الوفاء للشعب العراقي وهم بسلوكهم بمثل هذه التفاهة والتهافت إنما يضربون مثلاً على انحدار المقاييس والقيم لديهم .
إن المقتل الرئيس في هذه العملية هو ما أصاب آمال الشعب العربي في العراق.. هذا الشعب الذي بنى آماله على شراكته مع الأكراد لبناء تجربة ديمقراطية ومشروع ديمقراطي في العراق. هل نحن من دفعك الى التحالفات المقيتة والقاتلة مع شركاء يقبلون بصيغة المحاصصة والنهب والصيغ الرجعية التي أوصلوا العراق من خلالها ومن خلال دعم القيادة الكردية الى الوضع المهين الذي نحن فيه؟
هذه كانت خياراتك يا أستاذ مسعود وليس غيرك. واليوم ننظر الى الماضي بحزن وغضب. ولو كنت قد بنيت نظاماً عادلا ومنصفا وديمقراطيا في كردستان فوالله لأنضممنا إليك ونقلنا عائلاتنا لتسكن في الإقليم. اليوم الذين يشاركونك إقليمك وسعيك وهدفك هم أنصار إسرائيل وهم أنصار داعش والإرهابيين المستقرين عندك.
اسماعيل زاير

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة