الحافظ رئيساً

اعلن الدكتور مهدي الحافظ يوم الخميس الفائت ترشيحه لمنصب رئيس جمهورية العراق وقد تناقلت الاوساط السياسية والاعلامية ذلك بكثير من الاهتمام .

بالطبع لن اتوقف طويلا عند المؤهلات والكفاءة والتجربة والعلاقات الدولية الواسعة التي يحظى بها الدكتور الحافظ لان الجميع يعترف له بها داخليا وخارجيا الامر الذي نحن في أمس الحاجة اليه  كما ان كلاً منا يعرف انه كان واحدا من آباء العملية السياسية الجارية في العراق وقد واكبها منذ ما قبل ولادتها وشغل مناصب حساسة عديدة بدءً بكونه عضوا مناوبا في مجلس الحكم وانتهاءاً بمنصب رئيس السن لمجلس النواب الحالي مرورا بمنصب وزير التخطيط ونائب في البرلمان الدورة 2010-2006    .

وعندما كان الحافظ رئيسا للسن لمجلس النواب في الاسابيع الماضية اعلن اكثر من مرة من على منصة البرلمان وفي الكثير من القنوات التلفزيونية انه يرغب ويدعو الى احداث تغيير فيما يعرف بالمحاصصة السياسية للمناصب الكبرى الثلاثة ونادى بأهمية وضرورة ان يكون منصب رئيس جمهورية العراق مناطا بشخصية عربية على ان تحتل موقع رئيس البرلمان شخصية كردية وذلك لاهمية ورمزية منصب رئيس الحمهورية عربيا لبلد كالعراق .

ولكن لم يستجب احد الى ندائه وبعد اختيار الدكتور سليم الجبوري رئيسا للبرلمان ظل االسؤال مطروحا بالاخص اليوم حيث يمر العراق بمفصل تأريخي ومنعطف حاد . الجميع يعترف بذلك والجميع يطالب بفعل شئ ما بمستوى التحدي ولكن لا أحد يجرؤ على تقديم جواب شاف او يخطو خطوة عملية ..

ولهذا فأن الخطوة التي اقدم عليها الحافظ تمثل ردا جريئا وعمليا للبدء بالاستجابة الى هذا الظرف التأريخي الذي يقتضي ان يتكرس حضور العراق وبقوة في الحضن العربي ممثلا بأعلى سلطة رمزية في كيانه السياسي وان يمضي في استكمال بناء الدولة خارج الاعتبارات والتوافقات الوقتية التي تحصل في كل سيرورة سياسية لكنها لاتلبث ان تتلاشى امام التحديات والهزات الكبيرة التي تتعرض لها مسيرة الشعوب.

ومن هذه التوافقات ماجرى التعارف عليه في بناء العملية السياسية في العراق ان يناط منصب رئيس الجمهورية  بالمكون الكردي الذي تمثل بالرئيس جلال الطلباني وقد كان قائدا وطنيا جامعا وخير من احتل هذا المنصب وعمل خلاله صماما لوحدة العراق قبل ان يعيقه المرض من استكمال مهمته متمنين له الشفاء والعمر المديد .

اما الان وقد تغير الامر كليا بعد  التمرد  الذي زلزل الكيان العراقي واصاب وحدة العراق بالصميم والذي تمثل بوضع كردستان خارج الحضن الوطني العراقي بأصرار وتدبير ومكابرة سمعنا امس اخر فصوله عندما اعلن فؤاد حسين رئيس ديوان الرئيس مسعود البرزاني ومن قصر الاليزية الفرنسي ان تقسيم العراق صار ” امرا واقعا ” وبهذا يحق لكردستان العراق ان تفعل ماتشاء خارج الوطن الام .

هذا الموقف الحاد والصادم لم يعترض عليه من المكون الكردي احد ولم نسمع برد صريح وجدي كردي يتصدى بقوة لهذا التوجه الذي صار سياسة ونهجا يترسخ يوما بعد يوم بحيث استفحل ووضع العملية السياسية امام مأزق خطير لاسابق  له لان الامر لايتعلق بوحدة العراق وحسب بل انه يأتي في وقت يواجه فيه شعبنا اعتى واكثر الهجمات بربرية متمثلة بالحرب على قوى الارهاب والظلام الداعشية ومن يقف وراءها في الداخل والخارج .

هنا تبزغ اللحظة التأريخية  التي ينبغي الاصغاء اليها والسير بجرأة ووضوح نحوها والتي تتمثل بأختيار رئيس للعراق من المكون العربي ليمضي في ترميم سياسة وحدة العراق وحضوره العربي .

هذا وفي الاخير لن ننسى الاشارة الى ان الدكتور مهدي الحافظ بالاضافة الى كل المؤهلات في شخصه والى اللحظة التأريخية الحاسمة التي نمر بها مناضل سياسي مؤسس في تأريخ العراق الحديث وقد أمضى عقودا طويلة في النضال من اجل عراق حر مستقل وطنا واحدا لجميع أطيافه اعراقا واديانا وطوائف عاشت وستعيش في حضنه العظيم .

شوقي عبد الامير

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة