غداً الجمعة 19/5/2017 سيصوت الإيرانيون للمرشح الذي يجدونه مناسباً لمنصب الرئاسة، إذ سيحق لأكثر من خمسين مليون مواطن إيراني المشاركة فيها (الدورة الـ 12)، والتي ستدور بين المرشحين الستة الذين نجحوا بالمرور من فلتر مجلس صيانة الدستور وهم كل من: الرئيس الحالي والذي يأمل بالحصول على دورة ثانية الشيخ حسن روحاني، وآية الله إبراهيم رئيسي، ومحمد باقر قاليباف واسحاق جهانغيري ومصطفى هاشمي طبا ومصطفى مير سليم. هذا العدد من المرشحين مقسم بالتساوي بين قطبي الانتخابات الإيرانية المزمنين (المحافظين والمعتدلين) من شتى العناوين والتسميات، وما لم يحسم تصويت الجولة الأولى النتيجة فستجرى جولة ثانية يتبارى فيها المرشحان الأكثر حصاداً لأصوات الجولة الأولى؛ وفي هذه الحالة من المرجح أن تجرى بين الأكثر حظوظاً وفقاً للاستطلعات الأولية وهما الرئيس الحالي الشيخ حسن روحاني ومنافسه آية الله ابراهيم رئيسي.
من المعروف عن منصب الرئيس في نظام الجمهورية الإسلامية المتبع في إيران، أنه بخلاف الأنظمة الرئاسية المتبعة في عالم اليوم، لا يمثل هرم السلطة السياسية والتنفيذية في النظام، والتي يقف على سنامه المرشد الأعلى والذي يمثله حالياً السيد علي الخامنئي، الرئيس الثالث للجمهورية الإسلامية (1981-1989) والذي تشمل سلطته أهم الملفات الحيوية للدولة كالاقتصاد والخارجية والأمن. كما أن للنظام في إيران مجالس وهيئات أكثر تأثيرا من البرلمان أو ما يعرف بـ (مجلس الشورى) مثل مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء ومجلس تشخيص مصلحة النظام وغيرها من المؤسسات النافذة. لذلك لا يمكن التعويل كثيراً على هذه الانتخابات وغيرها في حصول تحولات جذرية في سياسات النظام وتوجهاته الأساسية. لكن وبالرغم من كل هذه التعقيدات القانونية والمؤسساتية، فأن شعوب بلاد فارس القديمة، بحنكتهم وإرثهم الحضاري العريق، قد برهنوا بشكل قاطع عن تطلعاتهم الفعلية المنحازة لصالح البرامج والمشاريع التي تدعوا الى التغيير والمزيد من الحريات والحقوق والتنمية والانفتاح على العالم بعيداً عن النزعات الشعبوية والآيديولوجيات المتطرفة والتي ألحقت بمصالحهم الحيوية أفدح الأضرار وأهدرت بذلك الكثير من الوقت والفرص والإمكانات.
إن نتيجة الانتخابات ستعتمد بالتاكيد على حجم المشاركة فيها، فالعزوف عن المشاركة سيصب لصالح معسكر المحافظين، والذين يراهنون على مناخات الخيبة واليأس لقطاعات واسعة صوتت للرئيس روحاني سابقاً ولم يتحقق ما رسمته في مخيلاتها من مشاريع وآمال، ولا سيما في المجال الأهم في حياة الأمم (الاقتصاد). كذلك يعول المحافظون على الأوضاع الدولية الجديدة وتداعياتها بعد صعود ترامب وإدارته الى سدة البيت الابيض، من أجل كسب المزيد من الأصوات لمرشحيهم وشعاراتهم المتناغمة ومناخات التوتر والاحتقان في العلاقات الإقليمية والدولية. ومن جانب آخر قد يرى غير القليل من الإيرانيين بسياسة الرئيس المعتدل الشيخ حسن روحاني؛ شيئاً من الواقعية في مثل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة، حيث يكبح وجوده خطر التورط الشامل في محارقها المرشحة لمزيد من الاشتعال، وهذه المرة لن يتعامل الإيرانيون مع رئيس مثل أوباما بل مع رئيس أميركي لا يحتاج لمحفزات خارجية كي يرتكب الحماقات، كما حذرت من ذلك الدوائر المقربة منه، لذلك ستعمل الحكمة الإيرانية على التجديد لروحاني تجنباً لما لا يحمد عقباه..
جمال جصاني
روحاني أم رئيسي..؟
التعليقات مغلقة