حسن العاني
-2-
لم تأت عن فراغ تلك الموجة المدمرة التي حملت اسم (اغاني الشباب) لان العقد التسعيني الذي شهد ظهورها ، قد وفر لها المناخ الملائم ، حيث خرج العراق تواً من حرب قاسية استغرقت الجزء الاعظم من ثمانينات القرن الماضي ، وقبل ان تهنأ الناس بشيء من الراحة، وتتحرر من متاعب البيانات العسكرية والضحايا وقصف المدن، كان في انتظارها غزو الكويت.
حربان متعاقبتان لا يفصلهما اكثر من سنتين ، كانت نتائجها ما لا يحصى من الايتام والارامل والمعوقين … وقبل ذلك الوضع النفسي للمواطن الموشوم بالحزن والكآبة والقلق، مع غمامة سوداء معتمة دفعت شرائح الفقراء ضريبتها ..يكفي ان اسمها (الحصار) !!
هذا هو الوجه المعلن للمرحلة التي سادت فيها اغاني الشباب ، وما كان لها ان تسود وتتحول الى ظاهرة تتحكم في المشهد الغنائي لولا (تلفزيون الشباب) المسيطر بفضل عائديته المعروفة على الاعلام سيطرة مطلقة ، فقد كانت شاشته – لأسباب يطول الخوض في تفاصيلها ، ولكنها باختصار شديد (سياسية – تجارية) – الداعم الاول والمهم والمؤثر ، وكانت من اولويات نتائجها ان اصبح عدد المطربين اكثر من عدد المشاهدين على حد تعبير الفنان الكبير فاضل عواد !!
تحت هذه الظروف مجتمعة ، والتي لا يخلو بعضها من عملية غسيل دماغ منظم ، ومن تحريض على الفن الاصيل، ثم اغراق السوق الفنية بتلك التفاهات ، ولم يكن من الصعب ملاحظة الغياب أو شبه الغياب الإعلامي المقصود لرموز الاغنية السبعينية ( أما اجيال الطرب الذين سبقوهم .. وأما الاغاني الريفية والمقام العراقي ) فقد جرى ختمها بالشمع الاحمر، وصرنا نسمع (امك على البير – او – لالي لون ولالي كيف ..الخ) على حساب (البنفسج او – ياحريمه ..الخ) ، وبدا وكأن حناجر ياس خضر وحسين نعمه و.. و .. والحان القرغولي واموري و .. و.. وقصائد النواب وزامل سعيد فتاح ورفاقهم …تمر في حالة سبات اجباري !!