بغداد – ترجمة عباس الأسدي: الواشنطن بوست
وسط هذه المدينة القاحلة، تعلو كنيسة منذ القرن الثاني عشر، كان بامكان زائري هذه الكنيسة أن يسلكوا أنفاقاً مشيدة منذ القدم لغرض حماية القديسين من قطاع الطرق واللصوص. هذه الأنفاق لم تعد موجودة نتيجة للتهديم، الا ان الخطر لا زال يحيط بتلك المدينة في شمال العراق.
عندما بدأ عناصر تنظيم داعش الارهابي التقدم نحو المدينة مطلع شهر تموز الحالي، مستهدفين أهلها بالقذائف، هرب قرابة 50 الف من ساكنيها الى اربيل، عاصمة اقليم كردستان لغرض توفير الحماية لهم والأمن، ولو لا تدخل قوات البيشمركة لصد الهجوم الارهابي، لكانت هذه المنطقة المسيحية التاريخية في عداد المناطق المهجورة.
في الايام الأخير عاد معظم الأهالي الى منازلهم، لكن نقص المياه والوقود بالاضافة الى انقطاع التيار الكهربائي، زاد من خنق العائدين الذين عليهم التعايش مع التدهور الأمني يوميا وأصوات اطلاق النار التي تتاتي من الاشتباكات مع الارهابيين وعناصر تنظيم داعش.
في العراق على طول خطوط الصدع الطائفية، يخشى المسؤولون في هذه المنطقة، من فقدان واحدة من أقدم التجمعات المسيحية في الشرق الأوسط وتراثها، حيث أعداد المهاجرين تزاد الى اقليم طردستان والدول المهاجرة.
الجمعة الماضية تزايدت أعداد النازحين، عندما أفتت “الدولة الاسلامية” بوجوب اعتناق المسيحيين في الموصل الدين الاسلامي، أود دفع الجزية، أو الموت.
ويذكر المواطن السرياني الكاثوليكي، والعصو في المجلس المحلي للمدينة، لويس ماركوس أيوب (54 عاماً) “الحقائب محزمة، والناس يتركون المدينة، حيث لم يعد بالامكان العيش فيها تحت ظل هذه الظروف”، مبيناً أنه “اذا لم يوجد حل سياسي عاجل فنحن مهددون بخطر الاختفاء كلياً”.
المسيحيين العراقيون تحملوا الاعباء الأكبر نتيجة للغزو الأميركي الذي أطاح بنظام صدام حسين في العام 2003، حيث ان في الصراع الطائفي الذي أعقب هذا الاجتياح شهد المسيح حملة مضايقات واسعة متمثلة بتفجير الكنائس والهجمات الانتحارية، ما أدى الى تقليص أعدادهم من مليون ونصف الى 400 ألف مسيحي فقط.
مارتن جميل ذو 25 عاماً يقول “انهم يريدون قتلنا” مارتن تاجر عاد للتو من مدينة عينكاوة في اقليم كردستان لغرض الاطمئنان على بضاعته في المدينة يضيف قائلاً “ليس لدينا نفط أو سلاح، يعتقدون اننا اعدائهم لاننا لسنا مسلمين”.