إنها الموصل الحدباء؛ ها هي المدينة العريقة، مدينة التاريخ والعلم ومرتع الأديان السماوية، ها هي تتلقى أولى الطعنات الغادرة من قبل خليفة المسلمين المزيف الجديد أبو بكر البغدادي.
بغض النظر فيما إذا كانت تهديدات أولئك المجرمون السفاحون الخارجون عن نواميس الأديان والمارقون على القوانين والشرائع الإنسانية بأبسط مفاهيمها وأشكالها الاجتماعية الاعتيادية، بغض النظر عن هذا، حتى لو كانت تلك الفتاوى الجبانة والمخزية للإسلام بالدرجة الأولى قبل غيره، وهي تبدو إساءة واضحة للعيان، تبلغ حدود الجريمة المنظمة عقائديا والتي لا تخفي أهدافها الشريرة بتمزيق المجتمع العراقي جهارا عبر ترويع شريحة أساسية ومكون أساسي من مكونات المجتمع العراقي من الأزل هم مسيحو الموصل، بل ومسيحيو العراق برمته فضلا عن مسيحيي الشرق الأوسط، تلك الأقوام والديانات الأعرق في المنطقة، ومحاولة اقتلاعهم من جذورهم التاريخية وقطع أنسالهم من تربتهم وهوائهم وسمائهم وبيوتهم وعالمهم الروحي عن طريق شن حملة إعلامية بربرية ضدهم هي حسب إدعاهم مجرد التمهيد للإبادة الجماعية والقتل والتنكيل عبر إشاعة الرعب من خلال فتوى تخّيرهم إما دفع الجزية أو اعتناق الإسلام وإما القتل. هكذا بكل بساطة وبرودة دم وولوغ علني صريح بجرائم إبادة جماعية على مرآى من أنظار العالم الذي يقف مكتوف الأيدي أمام هذه العصابات الإجرامية المنفلتة التي أطلقلتها دول التخلف والحقد تحت ستار وتأييد غربي وتركي يعيد لنا ذكريات الماضي الأليم عندما قامت تركيا العثمانية بارتكاب أبشع المجازر الدينية والعرقية ضد الأرمن المسيحيين تحت ستار عقائد ظلامية مضللة آنذاك، نشهد مثيلها اليوم في عالمنا المعاصر معززين بتمويل مالي ضخم من قبل دول خليجية تقف بمقدمتها دولة قطر القزم والمملكة العربية السعودية، مملكة الجهل والدجل والجراد البشري الهمجي المتطرف.
هاهو شعب العراق الأصلي والعريق من المسيحيين الأبرياء والعزّل يتعرض إلى أبشع هجمات الظلام والدمار والقتل فضلا عن السرقة وانتهاك الأعراض والشرف في أجواء سياسية ممزقة سياسيا وجغرافيا وحكومة شبه غائبة تنخرط بصراعات سياسية هامشية وبمعارك طاحنة ضد فلول البعثيين والنقشبنديين وجراد القاعدة والدولة الإسلامية وخليفتها الذي أشاع ويشيع الرعب بين جميع شرائح المجتمع العراقي، بينما حكومة إقليم كردستان تتنازعها الصراعات السياسية والتطورات الخطيرة على حدودها مباشرة فتزيد من صعوبة خياراتها المصيرية بين التلاحم مع المركز أو الانفصال عنه.
توحد القوى السياسية العراقية بشقيها السني والشيعي، مع القوة العسكرية والسياسية في إقليم كردستان أمام هذه العصابات الإجرامية الباغية هو العنصر الفاعل الوحيد الذي يمكّن العراق من التصدي والأنتصار على قوى الشر والظلام.
علي عبد العال