أخرجوا وزير العدل من رحاب القضاء العراقي
حمّلنا تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش عاراً كبيراً لا يمكن السكوت عليه. فالتقرير المليء بالتفصيلات والوثائق واللقاءات المباشرة وبموافقة السلطات العراقية الذي شمل عشرات من الشهود والضحايا يجعلنا في أتعس وضع ممكن بين الأمم. ويتعين على الحكومة ان تتوقف، نعني ان تتوقف لقراءته ودراسته والإجابة عليه. يجب على السيد رئيس الوزراء ان يوقف الحكومة العراقية عن جميع اعمالها لمراجعة التهم الواردة في التقرير الواسع الذي تضمن عشرات الصفحات من الشهادات التي ننشرها على صفحات الصباح الجديد حتى لا يفوتنا شيء مما يحصل على ارض عراقنا الحبيب من انتهاكات بحق النساء ومن اعتداءات يقوم بها نفر فاسد يستأهل كل الحزم والجد لوقفه واقصائه ونبذه من الجسد الحكومي العراقي الرسمي.
ان المسؤولية الكبيرة والمتشعبة التي يلقيها التقرير انما هي بمنزلة السمِّ الذي يسمِّم غذاءنا والهواء الذي نتنفسه. وعلى السيد رئيس الوزراء ان يوقف وزير العدل الذي تسبّب بكل هذا الهوان العراقي لتقصيره وقلّة خبرته ونقص التزامه بالحقوق والحريات التي التزم العراق دستورياً بها. الأشهر الماضية حملت الينا فضائح كبرى مسؤوليتها تقع على هذا الوزير بالدرجة الأولى وعلى آخرين من اجهزة التحقيق بالدرجة الثانية وربما بعض الجسم القضائي في اخر المطاف. اولها فضيحة هروب سجناء من سجون ابي غريب والتاجي وقبلها البصرة والموصل والطوبجي وبادوش أخيراً، ومن بعدها مشروع القانون الجعفري الذي انفق وقتاً طويلاً على انجازه قبل ان يلقيه علينا وسط ذهول الجميع، وأخيراً الفضيحة المخجلة عن انتهاكات النساء كما اوردها تقرير منظمة العفو الدولية الصادر قبل ايام.
نحن لا نعفي ضباط التحقيق والسلطات المعنية بالتحقيقات عن المسؤولية ولكن وزارة العدل هي الرمز الوطني الذي يقع على عاتقه الحفاظ على سمعة البلد.
ومن اجل رؤية شاملة لما استخلصته منظمة هيومن رايتس ووتش علينا ان نذكر ان العالم لن يقبل بالأعذار والتصريحات المقتضبة لهذا المسؤول والناطق الرسمي او ذاك، بل علينا كدولة محترمة ان تردّ بوضوح وشجاعة وتسمي المنتهكين لحقوق النساء بأسمائهم وتضع يدها على الخلل امام العالم. فالانتهاكات بحد ذاتها لا تنحصر في بلد من دون اخر، بل إنها مشهودة حتى في البلدان الكبرى والعريقة في ديمقراطيتها، وربما يكون من الإيجابي ان نتعلم التعاطي مع العالم ومؤسساته المحترمة ومنها الهيومان رايتس ووتش بلغتها ومقاييسها حتى نتمكن من مطابقة مسطرتنا الأخلاقية معها ومع العالم المتنور والمتحضر. لهذا فعلى حكومتنا ان توضح للعالم انها مهتمة بنحوٍ نوعي وكامل بما استخلصته المنظمة وانها مستعدة للعمل من اجل تطهير ممارسة المؤسسات المعنية بما يتفق مع المقاييس الدولية، واننا نتقبل النقد ونتفاعل معه، وإلا سنكون ضمن النمط نفسه الذي كأنه نظام الدكتاتوريات التي غالباً ما تعلمت النفي والنفي ومن ثم الإنكار وهذا ما عرفناه في زمن الحكم المقبور الذي جاهرنا بنقدنا له لانتهاكه حقوق شعبنا العراقي.
ان الذي يقبل او يتغاضى عن انتهاكات حقوق البشر فيى العراق هو في المنطق حليف ومتضامن مع الروح الدكتاتورية الفاسدة التي تختبئ وراء السيادة الوطنية والاستقلال حتى لا تسمح بكشف عيوبها.
ان العراق الجديد معني بتطوير سمعته نحو الأحسن ولا سيما امام المؤسسات الدولية ولا يكفي ان نستغرق في الإنكار المنافق كدفاع عن الفاسدين والمنتهكين. والعراق الذي نريده هو عراق شهم وشجاع لا يسمح لنفسه بالسكوت على ما يفعله بعض الضباط في سلك الشرطة او اي سلك اخر، ولأننا نريد ان نتحاور مع العالم ورؤوسنا مرفوعة علينا ان نطالب، بوصفنا اعلام العراق المستقل، بردع ومحاسبة المنتهكين.
يا رئيس الوزراء اعفِ وزير العدل من منصبه لأجل العراق كله، ومن اجل الماضي الحزين الذي تسبب به المنتهكون لشعبنا خلال عقود العبودية البعثية.
إسماعيل زاير