أشر عمق الخلافات بين قياداتهم في سوريا والعراق
بغداد – الصباح الجديد:
أكد منتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى، ان المنتصر الوحيد من الأزمة في العراق هم الأكراد، وفي الوقت الذي بين فيه عمق الخلافات بين القيادات الكردية في سوريا والعراق
ويكتب مدير المنتدى، ديفد بولوك، في مقال نشر أخيراً وجاء تحت عنوان “هل تؤدي الأزمة العراقية الى إستقلال إقليم كردستان”، انه “لن يخرج من الأزمة الوجودية التي تعتصر العراق حاليًا سوى منتصر واحد، ليس من حيث التصميم بل من حيث المبدأ: وهذا المنتصر هو الأكراد”، مشيراً الى ان”تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) – الذي غير اسمه مؤخراً الى “الدولة الإسلامية” – وغيره من عصابات السنّة العرب يحاربون جيوشًا عربية ذات غالبية شيعية وقواتٍ غير نظامية تم حشدها على عجل، وأصبحوا اليوم يتقاتلون بضراوة في معظم مناطق العراق الغربية والوسطى”.
وأضاف الكاتب “إنّ عمق الأزمة العراقية ونطاقها – بما تحمله من تداعيات جمّة تتخطى حدود الدولة – يزيدان التخوف من انتقال الأكراد من الحكم الذاتي إلى الاستقلالية التامة. وقد بات هذا الأمر إمكانية حقيقية للمرة الأولى منذ قرنٍ كامل، أي منذ أعطي الأكراد هذا الوعد المراوغ عقب انهيار الإمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الأولى”، مستدركاً بالقول إن “تقدير التعقيدات التي قد تترتب عن ذلك يستدعي الاطلاع على الخلفية التاريخية لهذه المسألة والنظر بشكل مقتضب في ثلاثة تناقضات إضافية تدعو للسخرية”.
وأوضح بولوك إنّ “الأكراد البالغ عددهم نحو خمسة ملايين والذين يعيشون في حكومة إقليم كردستان يتمتعون منذ أكثر من عقدين بحكمٍ ذاتي يحرصون على الدفاع عنه، وقد تم ذلك في البداية بحمايةٍ جوية أمريكية بعد أعمال الثأر الوحشية التي ارتكبها الرئيس السابق صدام حسين عقب هزيمته في الحرب ضد الكويت في العام 1991، وبعد ذلك تولوا الأمر بأنفسهم نوعًا ما بعد الإطاحة بصدام حسين في العام 2003″، موضحاً بالقول “لكن الحكم الذاتي لأكراد سوريا عمره أقصر بكثير ومنهجه أقل رسمية بأشواط. فالثلاثة ملايين كردي الموزعين في شمال شرق سوريا نجحوا في البقاء على الحياد بشكل كبير خلال الحرب الأهلية الجارية، ناعمين بحماية حزبهم السياسي الكردي الخاص “حزب الاتحاد الديمقراطي” والميليشيا التابعة له المعروفة باسم (وحدات حماية الشعب)”.
وتابع الكاتب “بيد أن التطور الكردي الأبرز الذي تشهده الأزمة الراهنة على الأرض يحدث عند أطراف إقليم كردستان العراق، وذلك في مجموعة من (الأراضي المتنازع عليها) عند حدود المحافظات العراقية الشمالية التي تدور فيها المعارك – أي نينوى وديالى وخصوصًا كركوك”، مشيراً الى إنه “نجح الجيش الكردي المعروف “بالبشمركة” في بلوغ أهدافه الإقليمية التي يطمح إليها منذ زمن، تقريبًا دون أن يطلق رصاصة واحدة. فمع تفكك الجيش العراقي أمام غزو داعش، سيطرت قوات “البشمركة” تقريبًا على كافة الأحياء الكردية في تلك المناطق وحصدت غنائم كبيرة تمثلت بالقسم الأكبر من مدينة كركوك ومنشآتها النفطية، ومنطقة استراتيجية جديدة من الحدود السورية، بالإضافة إلى سلسلة بلدات تقع على مسافة أبعد شرقًا حيث عاش الأكراد لفترة طويلة تحت رحمة الأطراف المتنازعة على النفوذ ما بين سنّة وشيعة وحتى إيرانيين واليوم يحافظ الأكراد على مركزهم بوجه كل التحديات، أصادرةً كانت عن “الدولة الإسلامية في العراق والشام” أو عن أي قوات عربية أخرى”.
وأردف الباحث السياسي بالقول “ثمة تناقضٌ آخر يدعو للسخرية، وهو أن كبار القادة الأكراد في العراق وسوريا هم أيضًا خصوم. فرئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس “حزب الاتحاد الديمقراطي” صالح مسلم بالكاد يتخاطبان ولا يتعاونان إلا بأدنى حدٍّ ممكن ضروري لأمن كليهما”، منوهاً الى إن “الوضع العملي لأحدهما يختلف للغاية عن وضع الآخر، حيث أن إقليم كردستان العراق يتمتع باستقرارٍ وأمانٍ أكبر من نظيره السوري، الأمر الذي يقف هو أيضًا في طريق وحدة الطرفين. لذلك يبدو الاحتمال ضئيلًا جدًا بأن يحاول حتى الطرفان ضمّ أراضيهما في هيئة كيان كردي جديد عابر للحدود – أو حتى دولة كردية ذات استقلالٍ حديث العهد”.
وأشار بولوك الى إنه “في ما يتعلق بكردستان العراق، بات الرئيس بارزاني يتحدث بغتةً وبشكلٍ علني صارخ عمّا يشبه إلى حدٍّ كبير الاستقلال، وذلك بجدية وصراحة أكثر من أي وقت مضى. ففي مقابلة أجرتها معه قناة (سي إن إن) الأسبوع الفائت، قال متأملاً بان الأوان قد حان ليقرر الأكراد مصيرهم بأنفسهم، وهذا أمرٌ سيتخذ (الشعب) قرارًا بشأنه قريبًا. كما أن مستشاره في الأمن القومي وصاحب النفوذ فؤاد حسين متواجد في واشنطن هذا الأسبوع لإجراء سلسلة من الاجتماعات، مع العلم بأن أحد معاونيه أشار في حديث خاص إلى أن هذه الاجتماعات ستتطرق إلى موضوع الاستقلال”.
وختم مدير منتدى فكرة مقاله “من ناحية الجدوى الاقتصادية، قد يطرح استقلال كردستان مشكلة مستمرة. فحتى الآن، كان هذا الإقليم يعتمد بدرجة كبيرة على عائدات النفط من حكومة بغداد المركزية. ولكن خلال الأشهر الأخيرة، بدأت حكومة إقليم كردستان بتصدير نفطها الخاص عبر أنابيب جديدة تمر بتركيا، وذلك بخلاف رغبة حكومة بغداد. وبما أن الحكومة العراقية مستغرقة حاليًا وبشكل مفهوم في رغبتها بمجرد الصمود والبقاء، وبما أنها تطلب الدعم الكردي في المسائل الأمنية الأساسية، ليست في موقع يؤهلها الاعتراض على مبادرة الطاقة التي أخذتها حكومة إقليم كردستان بشكل أحادي. أضف إلى أن استحواذ حكومة إقليم كردستان على كركوك ومحيطها يضيف كمية النفط وأنابيب النفط إلى قدراتها القائمة. واليوم بات إقليم كردستان العراق قادرًا على تصدير ما يعادل مليون برميل يوميًا في المستقبل المنظور، متخطيًا بأشواط المئة وخمسين ألف برميل في اليوم أو ما قارب ذلك التي كان يصدّرها في الماضي غير البعيد”.