يتميز العراق بسحر عادات وتقاليد تعكس أصالة شعبه وكرمه وسمو أخلاقه، وتمتد جذوره إلى عراق الحضارة والتمدن، عراق التاريخ والكتابة والقراءة. وإذا عدنا إلى الطقوس والعادات في المناسبات والأعياد، سواء الاجتماعية أو الدينية، سنجدها دليلاً حياً على كرم الأخلاق وعلو شأن العراقيين. وفي بغداد، تنبض الأزقة والمحلات بعادات وطقوس رمضانية تظل حاضرة خلال أيام الشهر الفضيل.
ومع حلول رمضان، الذي يحمل في طياته نفحات إيمانية، تفرض أجواؤه هيبة خاصة، إذ لا يقتصر الامتناع فيه على الأكل والشرب، بل يشمل أيضاً الابتعاد عن المعاصي. وخلال نهاراته وحتى مغيب الشمس، تزخر العائلة العراقية بالكثير من العادات والتقاليد المتوارثة التي تضفي على الشهر نكهة خاصة.
التقاليد الرمضانية في السماوة
يؤكد الباحث التراثي عماد المساوي، من مدينة السماوة، أن العائلات هناك تحافظ على تقاليدها الرمضانية الأصيلة. وباعتباره مقتنياً للموروثات التراثية، يشير إلى أن العديد من مستلزمات البيت السماوي لا تزال مستخدمة حتى اليوم، لا سيما في رمضان. فالعائلة السماوية تفضل استخدام الأواني المصنوعة من الخوص والفخار لتجميل السفرة واستذكار الماضي، مثل سفرة الخبز، طَبَگ الخبز، سلة التمر، الشربة الفخارية، والمبخرة، إذ تُعد هذه الأدوات أكثر صحية، خاصة أن الماء المخزن فيها يكون نقياً.
وتنتشر هذه العادات في أقضية السماوة، مثل الرميثة، ببصية، الخضر، السلمان، والوركاء، حيث تحضر المستلزمات التراثية في موائد رمضان لإحياء تراث الأجداد. كما أن البيوت السماوية ما زالت تحتفظ بالكثير من الموروثات التي ورثتها عن الأجيال السابقة، وتستخدمها بشكل خاص خلال الشهر الفضيل.
تراث الموصل في الشهر الفضيل
من جانبه، يؤكد نور الدين الصفار، أحد أبرز صانعي النحاسيات التراثية، أن المستلزمات التراثية جزء أساسي من البيوت الموصلية، إذ يحرص أهل الموصل على الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم. ولا تزال العديد من العائلات الموصلية تعيش في بيوت قديمة يعود بناؤها إلى أكثر من ستين عاماً، وتحتفظ بمقتنياتها التراثية، خاصة الأواني النحاسية والفضية المستخدمة في رمضان، إلى جانب أدوات صناعة الخبز، مثل التنور القديم والشِيبَك.
كما تُستخدم البُسُط المفروشة على الأرض خلال الشهر الفضيل، حيث تفضل العائلات الكبيرة تناول الإفطار على الأرض، في تقليد يعكس تمسك المدينة بتراثها العريق، ويجسد روح الأصالة التي يحرص عليها أهل الموصل، خصوصاً في شهر رمضان المبارك.
عادات رمضانية متوارثة
ويرى عدد من المواطنين أن العادات والتقاليد الرمضانية تمثل إحياءً لموروث الأجداد، وتعزز معرفة الأجيال الجديدة بتراثهم، ما يضفي على الشهر الفضيل طابعاً خاصاً في ذاكرة الأبناء والأحفاد.
ومن أبرز المظاهر الرمضانية في بغداد، إحياء ليالي الشهر المبارك بلعبة المحيبس في المقاهي الشعبية، فضلاً عن إقامة موائد إفطار جماعية في العديد من المناطق الشعبية، والتي تسهم في تعزيز روح التآخي بين أبناء المجتمع.
كما تساهم منظمات المجتمع المدني في تقديم المساعدات عبر تجهيز سلة رمضان وتوزيعها على العائلات المحتاجة في بعض الأحياء، في صورة تعكس روح التكافل والتضامن الاجتماعي خلال هذا الشهر الفضيل، ما يجعل رمضان مناسبة تتجلى فيها القيم الإنسانية النبيلة والعادات العريقة التي تميز المجتمع العراقي.
سحر العادات والتقاليد في عموم العراق خلال شهر رمضان
التعليقات مغلقة