متابعة – سمير خليل:
لم يشهد التاريخ احتلالا واستلابا لأراض وانسانية للبشر مثل ما فعلته اسرائيل بأرضنا وشعبنا في فلسطين، تلك الأرض التي كتب عليها أن تكون محتلة منذ العام 1948 ولغاية يومنا هذا.
ومنذ ذلك التاريخ أمعنت سلطات اسرائيل القمعية العنصرية الدموية بالتوسع والزحف على المدن والقرى الفلسطينية من أجل إفراغها واستيطان اليهود القادمين من كل أرجاء العالم، مستعينة بدباباتها وطائراتها واسلحتها الخفيفة والثقيلة من أجل هذا الهدف الاستيطاني العنصري، في وقت يواصل أخوتنا الفلسطينيين الدفاع عن أرضهم ومقاومة سلطات الاحتلال بكل الوسائل وهم يكسبون تعاطف وتأييد كل العالم الحر.
وقطاع غزة واحد من الاراضي الفلسطينية التي يعاني اهلها من نساء واطفال وشيوخ من أقسى هجمة بربرية منذ أكثر من عام، وقبل أيام توصلت حركة حماس والسلطة الاسرائيلية الى اتفاق لوقف إطلاق النار بعد 15 شهراً من الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، رداً على الهجوم المسلح وغير المسبوق الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول 2023.
وأعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مساء الأربعاء الماضي التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، وبعد أشهر من الحرب والقصف المستمر، عمّت أجواء من الفرح شوارع غزة، حيث علت الزغاريد وضحكات الأهالي احتفالًا بإعلان وقف إطلاق النار.
وخرج المواطنون إلى الأزقة والمناطق المتضررة، يعانقون بعضهم البعض، ويتنفسون الصعداء بعد فترة عصيبة عاشوها تحت القصف والدمار.
ورغم الألم والخسائر التي خلفتها الحرب، إلا أن الغزيين أثبتوا مرة أخرى قدرتهم على الصمود، فكانت لحظات الفرح هذه بمثابة استراحة من المعاناة الطويلة، في وقت دخلت 630 شاحنة مساعدات على الأقل قطاع غزة، وتوجهت 300 منها على الأقل إلى شمال القطاع، حسبما ذكر مسؤول كبير في الأمم المتحدة.
وعبرت مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى غزة، وينتظر الآلاف وصول المزيد منها من أجل تكثيف توزيع الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها في القطاع الفلسطيني، والذي تم تدمير مساحات كبيرة منه بعد 15 شهرا من الحرب.
وتشمل التحديات اللوجستية التي يواجهها عمال الإغاثة جبال الأنقاض وبقايا الحرب غير المنفجرة، والبحث عن الضحايا الذين ما زالوا تحت الانقاض والركام مع استحالة بقاءهم احياء وان وجد حيا منهم فهو في خانة المعجزة، وأكدت الأمم المتحدة من أن زيادة مخصصات المساعدات ستكون “بداية فقط” في معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة، وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” إن لديها 4000 شاحنة مساعدات جاهزة لدخول غزة.
وتواصلا مع هذه التطورات بدأ النازحون الفلسطينيون في العودة إلى منازلهم في القطاع، لكن أحد سكان غزة قال لشبكة CNN إن اللحظة كانت “حلوة ومرة”. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” إن حوالي 92% من المنازل في غزة دُمرت أو تضررت خلال 15 شهرا من الحرب، وتأثرت حوالي 436000 وحدة سكنية، في حين أن أكثر من 1.8 مليون شخص في حاجة ماسة إلى مأوى طارئ ومستلزمات إسكان أساسية، وتُظهر لقطات طائرة بدون طيار من شبكة CNN خرابا شبه كامل في شمال غزة.
إن ما حدث في قطاع غزة يعد جريمة بحق الانسانية وليس على مستوى شعبنا في فلسطين، وهو يؤكد بالدليل القاطع مدى وحشية الكيان الصهيوني ومدى تمسك الانسان الفلسطيني بأرضه رغم ما تعرض له من حرب إبادة وقسوة بالغة.