مزارع بصري ينقل زراعة التمور من الخصيب إلى الموصل ودهوك، التمر لا يُزرع في المناطق الباردة.. اعتقاد خاطئ

وداد إبراهيم

العراق بلد الخير والعطاء، بلد النخيل والتمور. أرض السواد التي عُرفت بخيراتها، وللتمور تاريخ طويل من العطاء والجمال والخير والبقاء. ورغم ما تعرضت له بساتين التمور في عموم مناطق جنوب العراق من تجريف وحرق، إلا أن غابات وبساتين التمور عادت لتزين مساحات واسعة من أرض البلاد. هذا ما جعل البصراوي إبراهيم التميمي، الذي كان يمتلك مزارع كبيرة لأصناف التمور في البصرة، يأخذ فسائل تمر الخصيب والزبير ليزرعها في أرض باردة، متحديًا المقولة التي تقول إن “التمور لا تعيش في المناطق الباردة التي تنخفض حرارتها إلى أكثر من 4 تحت الصفر”، حيث يقول إن النخلة “صبورة، قوية، ومعطاءة”

الفلاح إبراهيم التميمي، المعروف بـ”أبو عبد الله”، وهو صاحب أكبر مزارع للنخيل في مناطق الموصل ودهوك، تحدث لـ”الصباح الجديد” عن تجربته قائلاً: “كنت أمتلك بساتين نخيل في منطقة أبي الخصيب بالبصرة، وحين انتقلت إلى الموصل قررت أن أنقل معي فسائل من أنواع النخيل وأبدأ بتجربة زراعتها. كان ذلك قبل 15 عامًا، وعلى الرغم من أن الكثيرين أخبروني أن هذه التجربة لن تنجح، إلا أنني اكتشفت أن هناك نخيلًا زُرع في الموصل لكنه لم يُثمر بسبب جهلهم بعملية التلقيح ورعاية النخلة. بدأت بزراعة الفسائل في مواسم معينة؛ أبدأ بالزراعة في ايلول وأستمر حتى أتوقف في كانون الثاني، حيث تنخفض درجات الحرارة. ثم أعاود الزراعة في اذار حتى تموز، لأن درجات الحرارة المرتفعة تؤثر على الفسيلة”.

ويضيف: “وجدت أن تربة الموصل خصبة جدًا وصالحة للزراعة، وهناك وفرة في المياه. بعد سنوات من التجربة، لمست نجاحًا كبيرًا. زرعت في العديد من الأقضية والنواحي، مثل قضاء تلكيف، حيث غرست 500 نخلة بمساعدة أشقائي وأقاربي. كما زرعت بالتعاون مع بلديات الأقضية في البعاج، الحمدانية، والقيارة، وزرعنا في الشوارع الرئيسية في الموصل ما يصل إلى 400 نخلة من أصناف البريم، الزهدي، والخستاوي. ووضعت في وسط الموصل 150 نخلة. أبطلت المقولة القائلة بأن التمر لا يعيش في الموصل، وأصبح الناس يطلبون مني الفسائل، حيث صار لدي مشتل كبير وكادر مختص بعملية التكريب والتنظيف والتسميد والتلقيح وكل ما يتعلق بالنخلة”.

ويتابع التميمي: “انتشرت زراعة النخيل في الموصل، وأصبح البعض يمتلك ما بين عشرة إلى عشرين نخلة. في موسم التلقيح تزداد الطلبات علينا، لذلك قمت بتدريب العديد من المزارعين في الموصل على عملية التلقيح والتسميد وغيرها من عمليات العناية بالنخلة. كما دربت كوادر من فلاحي الموصل على كيفية زراعة النخيل، لأن النخلة صبورة وقوية، تتحمل درجات برودة تصل إلى 4 تحت الصفر، وتتحمل الأملاح في التربة ودرجات الحرارة العالية. تكاليف زراعتها وتكثيرها منخفضة، وإنتاجها وفير”.

وأكمل: “أصبح لدى أهالي الموصل ثقافة زراعة النخيل بعد نجاح إنتاجها وزراعتها. لدي الآن طلبات تصل إلى 700 فسيلة. مستقبل النخيل في العراق بدأ يتحسن، خاصة بعد أن تعرضت بساتين النخيل في البصرة للحرق والتجريف. توجد الآن مزارع للنخيل في كربلاء والديوانية، والإنتاج محلي. قد يعود العراق إلى تصدير التمور كما كان في السابق، ويصبح تصدير النخيل لا يقل أهمية عن تصدير النفط”.

وأضاف التميمي: “لكن للأسف، لم أجد أي دعم حكومي لهذه التجربة. هي تجربة محلية ونجحت، والحمد لله. لكن هناك الحشرة الحمراء، التي يجب على وزارة الزراعة مكافحتها والقضاء عليها لأنها تقتل النخلة”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة