تعقد الآمال على الانتخابات، بوصفها وسيلة من وسائل التغيير، والاصلاح السياسي والاداري في البلد، وكذلك تعقد آمال بعض الكتل السياسية على الانتخابات بوصفها وسيلة الوصول الى السلطة أو البقاء فيها. فالشعب ينتظر الانتخابات ليغير الوجوه التي لم تقدم شيئا له، والسياسيون ينتظرون الانتخابات كي يتمتعوا بأربعة سنين أخرى. ولكن: هل الانتخابات يمكنها التغيير حقا؟ هل مشكلة البلد في مجلس النواب؟ وهل يمكن لنائب أو نائبين أن يغيروا الواقع بأكمله؟ بمجرد اقتراب موعد الانتخابات امتلأت وسائل التواصل بمقاطع فيديو وصور لمرشحين لمجلس النواب، يطلبون من المواطنين انتخابهم كونهم والوسيلة الوحيدة للخلاص من الأحزاب الحالية. ويخبرون الناس بأن ما يملكونه من أفكار ومشاريع ستجعل العراق مختلفا. والمرشحون على نوعين: الأول ينتمي الى الأحزاب الحالية ويعلنها صراحة أنه منتم للحزب الفلاني، وهذا النمط من المرشحين يراهن على نفوذ رئيس الكتلة أو الحزب لدى الناس، ويراهن على نتائج الانتخابات السابقة. النمط الاخر من المرشحين يصرحون بأنهم مستقلون! ويرون بأن استقلاليتهم عن الأحزاب أكبر فضيلة لهم ومبرر لانتخابهم، حتى لو لم يملكوا أي برنامج انتخابي. في الجانب الآخر، ثمة الحلقة الأقوى والأهم في العملية الانتخابية وهو الناخب الذي عانى لسنوات طويلة من الأحزاب ومن الأشخاص الذين يستترون بالأحزاب لكنهم يدعون البراءة منها، لا أتصور أن بإمكان أي حزب أو مرشح أن يخدع الناخب مرة أخرى، أو يقنعه بانتخابه أو يقنعه بالمشاركة في الانتخابات. فثمة عزوف كبير وعدم رغبة وعدم ثقة بالانتخابات. لأنه أي الناخب أدرك بعد التجارب العديدة له ومعرفته بالأحزاب وتوجهاتها الحالية أن الانتخابات وسيلة لتغيير الأسماء فقط، أما النهج والفكر الذي تقوم عليه العملية السياسية فلا يمكن للانتخابات أن تغيره، حتى لو لم يفز أي عضو حالي أو سابق في الانتخابات القادمة، لأن العملية السياسية الحالية قائمة على أسس وثوابت لا تتغير إلا بتغيير العملية السياسية كلها. ورغم صعوبة هذا التغيير، إلا أنه ليس مستحيلا، بشرط أن تتوفر إرادة لدى الشعب للتغيير. فالمرشح الذي يأتي اليوم ويطالب بالخروج إلى الانتخابات وانتخابه هو شخصيا وبعضهم يتواضع فيطلب المشاركة وانتخاب من يرونه أهلا للانتخاب، يدرك جيدا أنه لو فاز لن يتمكن من الوقوف بوجه تيار العملية السياسية الجارف والقوي، حتى لو وقف معه نواب كثيرون، فلم يصمدوا أمام تيار الأحزاب والسياسيين. الحل يكمن في ردم النهر حتى لو بالأجساد! وهذه مسؤولية الشعب أولا وأخيرا، لأن التيار لو بقي بقوته هذه، فسوف يجرف معه كل شيء.
سلام مكي
وجدوى التغيير مغلقة