وداد إبراهيم
من بين أكبر مكتبات بغداد خاصة والبلاد عامة، مكتبة النهضة العربية التي ما زالت تحتل منذ اكثر من خمسين سنة، مكانها في الباب الشرقي، قرب ساحة التحرير.
بدأت رحلة مكتبة النهضة العربية حسب ما يذكر صاحبها علي حسن عذافه من بيع الصحف والمجلات على الرصيف في الباب الشرقي نهاية الخمسينات من القرن الماضي من قبل شقيقيه (كاظم) و(هاشم)..غير ان الأخير، نقل البيع من على الرصيف الى كشك خشبي، وليكون بعدها مؤسس مكتبة النهضة العربية التي تعد من أكبر واهم البلاد.
ويضيف: كان عام 1967 هو الزهو والنجاح بعد ان انتقل (هاشم ) الى البيع في الكشك الخشبي ليصبح الكشك الصغير ملتقى الادباء والشعراء والمثقفين والسياسيين مثل (عبد الرحمن طهمازي وعارف علوان وسعدي يوسف ويوسف العاني)، وقد وصف (يوسف العاني) الكشك” بأنه جسر الثقافة الذي يوصل العراق بالعالم” حتى انتقل بيع الصحف والمجلات من الكشك الى مكتبة النهضة العربية والتي اشتراها (هاشم) فيما بعد من صاحبها (عبد الرحمن حياوي) لتصبح المكتبة محطة لدخول كبار الشخصيات السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها مثل (محمد حديد وخدوري خدوري وقاسم حسن ومحمد مهدي الجواهري وعزيز السيد جاسم وعامر حسن فياض وغالب الشابندر) وغيرهم ما دفع شقيقي (هاشم) ليكون ناشرا للكتب ومصدرا ومستوردا لاهم المطبوعات في الوطن العربي، لتصبح المكتبة الملاذ لكبار الشعراء واذكر هنا ان (محمد مهدي الجواهري) زار المكتبة قبل ان يغادر العراق الى منفاه.
عن الكتب الممنوعة التي تعاملت بها المكتبة قال:
” كانت المكتبة تتعامل بالكتب الممنوعة ففي عام 1968 اشترى هاشم الكتب الماركسية والشيوعية مثل (مختارات لينين) في 6 مجلدات من (الهيئة العامة المصرية) التي كانت تسمى (الدار القومية) والتي كان موقعها الرسمي في الباب الشرقي، وكانت ترسل الى المكتبة بشكل سري بعض المطبوعات مثل كتاب (اقتصادنا) ل(محمد باقر الصدر) وكتب (حسن العلوي) وكتب أخرى، لتصبح المكتبة محطة ثقافية كبيرة ومهمة يدخلها الشخص البحثي والإسلامي والسياسي والاديب وحتى رجال الامن والمخابرات وكان (هاشم) انسانا كتبيا لم ينتم لاي حزب او جهة ويستقبل الجميع دون استثناء ومن هنا كان موضع ثقة أجهزة الامن والمخابرات فحصلت المكتبة على جهاز (الفاكس) وهو يستخدم للمراسلات التجارية وكان لا يعطي لاي جهة الا بموافقة امنية واعتبر هو جهة تخدم الكتاب”.
ويكمل: “في الثمانينات طبعت النهضة العربية وبأشراف من (هاشم) أكثر من 100 كتاب تتعلق بالتراث العربي وكتب أخرى للمؤلفين (د. داود سلوم ونوري حمودي القيسي وهاشم الخطاط) طبع له (قواعد الخط العربية) وكان للمكتبة مهمة كبيرة وهي تصدير كتب (دار الشؤون الثقافية) التابعة لوزارة الاعلام سابقا الى ومصر وبيروت اذ كانت منشوراتها تترأس قائمة البيع في العالم العربي وكانت الكتب الزراعية الصادرة عنها من المطبوعات المرغوبة في عموم افريقيا ودول عربية”.
وعن الكتب بعد عام 2003 يقول: “بعد احداث عام 2003 حيث الانفتاح الثقافي غزت الكتب الإسلامية والمطبوعات الدينية والتي كانت تباع بسعر رخيص المكتبات في عموم البلاد بالإضافة الى كتب (محمد باقر الصدر) والتي منعت من عام 1963 حتى عام 2003
بعدها تراجعت الكتب الإسلامية لتغزو المكتبات الكتب الأدبية مثل الرواية والشعر والكتب السياسية، وقبل سنوات تراجعت الكتب بشكل عام بسبب الانترنيت ففي السابق كانت الجامعات تطلب الكتب من المكتبات مثل الكتب النفسية والعلمية والتاريخية وتشتري بمبالغ جيدة وتحرك سيولة بيع الكتب اما الان فالجامعات لا تشتري الكتب ولا حتى بفلس لذا أصبح بيع الكتب في قمة الجمود والتراجع، وهذا في كل دول الوطن العربي. الكتاب الان يبكي على حالة وبعض دور النشر التي لها تاريخ طويل أغلقت وأنهت اعمالها بالأخص في بيروت وسوريا.