المأكولات الشعبية في شهر رمضان المبارك

ستار كريم مظلوم
مع أن أداء فريضة الصوم في شهر رمضان المبارك يتعارض مع اتخام المعدة في ((فطور)) بكل ما لذ وطاب، الا أن الصائمين على الأغلب يطلبون المشهيات وتنويع الطعمة، ومع كل ذلك فإنهم قل أن يأكلوا الكثير، لأن معدتهم بعد أيام قليلة على حلول رمضان تكتفي بالقليل، الا أن ((صينية الفطور)) تظل حافلة بالمآكل المنوعة، وإن اختلفت الصواني مع اختلاف مداخيل العوائل وتباينها. ونقول ((صينية الفطور)) لتذكير القارئات والقراء بأن الآباء والاجداد لم يكونوا يستعملون المناضد والكراسي عند تناول الطعام، وما زال هذا شأن الأغلبية الساحقة من أبناء العراق، وإن كانت الصواني الكبيرة بدأت تختفي من بيوتنا. وتحتل المشهيات جانباً من صينية الفطور وقد تكون توأم بعض الاكلات، إذ لا يمكن تناول الكباب المنزلي و((العروك)) من غير الكرفس والكراث والرشاد والنعناع أو أحدها على الأقل ويعتبر الفجل ومنه الاحمر، فجل كركوك، جاووش العشة هذا إن توفر فهو من خضروات الشتاء. ولم تكن ربة البيت تغفل عن (( كاسة الطرشي)) في صينية الفطور، وهو إما أن يكون من إعدادها، أو مما يتوفر في كل أسواق بغداد يومذاك، وكما هو الحال اليوم، فإن الصائم يفضل أن تكون أول لقمة يتناولها عند حلول دقيقة الافطار، غير مؤذية لمعدته الفارغة، فيفطر بعضهم بتمرة أو أثنين أو بتناول ملعقة من شوربة العدس ، أما الشوربة المصفاية، وهي التي تصنع من الماش فإنهم يكرهون تناولها في فصل الصيف لأنها ((حارة)) كما يقولون، أما ما يفضلون شربه في الفطور والسحور فهو ((شربت قمر الدين)) شتاءً أو الشراب السائغ الذي يصنعونه من ((النكوع)) اي المشمش المجفف، وكان يباع في سوق الشورجة بالجملة، ويباع بأية كمية تريدها ربة البيت عند البقالين، وكان المشمش المجفف هو الذي يتكدس لدى اصحاب البساتين من إنتاج أشجاره، وكان يصعب نقله الى أسواق بغداد والمدن الأخرى جراء قلة وسائط النقل، ولأن فاكهة المشمش سريعة التلف، يفضل أصحاب البساتين تجفيفها ومن ثم نقلها الى الاسواق في نهاية الصيف. وكانوا يصنعون من المشمش الذي صار ليناً (ممرود) ما عرفناه بسم (المريدة) من المرد، بفتح الميم وسكون الراء والدال، وما زالت بعض ربات البيوت يفعلن ذلك إن توفر لديهن المشمش الصالح لـ (المريدة) ويكون الشراب الذي يصنع منه غاية في جودة الطعم والنكهة ويتم شربه بعد إضافة السكر اليه. والصوم في الشتاء غيره في الصيف لأن نهار الصيف أطول والحرارة تجعل العطش أكثر إيذاءً للصائمين فيحاولون أن يكون طعام السحور من الاطعمة الخفيفة، ويتألف غالباً من التمن والمرق الا انهم حتى في فصل الشتاء يتجنبون مرق البامية اليابسة والباذنجان اليابس، وأفضل ما يتسحرون به هو الخفيف المغذي مثل (التشريب الأبيض) وطبيخ (الحامض حلو) والمعروف أيضا بسم (الطرشانة) ، ومع اهمية السمك كمادة غذائية تتفنن ربة البيت العراقية في طبخه الا ان الصائمين يتجنبون أكله في السحور وبعد أن شاع شرب الشاي صاروا يشربونه بعد طعام الفطور، ثم بعد تناول طعام السحور.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة