جريمة الرشوة في قانون العقوبات العراقي

سلام مكي

اعتبر المشرع العراقي جريدة الرشوة، من أخطر الجرائم التي تخل بواجبات الوظيفة العامة، حيث تصدرت الجرائم التي تناولها المشرع في الباب السادس من القانون، بوصفها الجريمة التي تشكل الخطر الأكبر على واجبات الموظف، التي لابد أن يمارسها بنزاهة تامة، وبدافع مهني. والرشوة، تؤدي الى مخاطر عديدة، أولها تجعل من الوظيفة العامة، مجرد سلعة يتاجر بها الموظف، ويستخدمها لتحقيق أغراض نفعية بحتة، وذلك على حساب سمعة الجهاز الإداري للدولة، ككل وعلى حساب المواطن ثانيا. وقد عرفت المادة 307 الرشوة على أنها: كل موظف أو مكلف بخدمة عامة، طلب أو قبل لنفسه أو لغيره عطية أو منفعة أو ميزة، أو وعدا بشيء من ذلك، لأداء عمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة، يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على عشر سنين أو بالحبس أو بالغرامة على أن لا تقل عما طلب أو أعطي أو وعد به.. أما الفقرة ثانيا من ذات المادة فتنص: وتكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو بالحبس إذا حصل الطلب أو القبول أو الأخذ أو الامتناع عنه بعد الاخلال بواجبات الوظيفة بقصد المكافأة على ما وقع من ذلك.

نلاحظ أن المادة 307 من قانون العقوبات بفقرتيها الأولى والثانية، قد أعطت أهمية للزمن الذي وقع به فعل الرشوة بصوره المختلفة، فلو كان الأخذ أو القبول أو الوعد، قد حصل قبل أداء العمل أو الامتناع عنه، فالعقوبة ستكون السجن مدة لا تزيد على عشر سنوات، أما إذا حصل الفعل بعد إنجاز العمل أو الامتناع عنه، فغن العقوبة ستكون أخف، حيث ستكون السجن مدة لا تزيد على سبع سنين! أما المادة 308، فإنها تحدثت عن جريمة الرشوة، عندما يقوم الموظف، بمعمل معين، ولكن لا يكون ضمن مسؤولياته الوظيفية، أو اعتقد خطأ أنه من صلاحياته، فهنا تكون عقوباته السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات أو الحبس والغرامة.

هنا نجد أن هنالك صورا مختلفة لجريمة الرشوة، فمرة يطلب الموظف مالا أو منفعة، أو يقبل بمال أو عطية، مقابل ممارسة عمل يدخل ضمن أعمال وظيفته، ومرة يقوم بعمل لا يدخل ضمن أعمال وظيفته. والفرق بين الفعلين، يؤدي الى اختلاف العقوبة، فلو كان العمل لا يدخل ضمن نطاق عمله، فإن العقوبة ستكون أخف كثيرا، حيث ستكون أما السجن أو الحبس، أي يحق للمحكمة أن تحبسه لمدة 6 أشهر، أو تسجنه لمدة 7 سنوات! حسب ظروف كل قضية، وما يتراءى للمحكمة من أدلة تقع تحت يديها.

كما عاقب القانون، بالإضافة الى المرتشي، عاقب الراشي، وهو الذي يقوم بعرض المال على الموظف، مقبل إنجاز عمل معين، ولكنه أعفى الراشي من العقوبة في حال قام بإبلاغ المحكمة بالفعل، قبل أن تعلم به المحكمة، حيث العقوبة ستطال المرتشي فقط!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة