تحت رعاية الدكتورة إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة وأمانة الدكتور هشام عزمي أمين عام المجلس الأعلى للثقافة افتتح مؤخرا مؤتمر صلاح عبد الصبور- فارس الكلمة بمناسبة مرور ٤٠ عاما على رحيله بحضور وزيرة الثقافة وعدد كبير من المفكرين والنقاد والمترجمين.
جاءت الندوة الأولى والتي اعقبت الجلسة الأفتتاحية والتي حملت عنوان «الشعر والمسرح الشعري».
ثم كانت الجلسة الثانية بعنوان «النقد الأدبي والترجمة» والتي أدارها الدكتور حسين حمودة الذي أشار في بداية الجلسة بالتنوع عند صلاح عبد الصبور الذي استطاع أن يربط الشعر بفنون أخرى مثل الفلسفة وقراءته الإبداعية، كذلك وصف حمودة كتابات صلاح النقدية بأنها كتابات أكاديمية وإن كان لجأ لبعض التوثيق مثل كتابه «حياتي في الشعر».
كذلك أثنى حمودة على رؤية صلاح الثاقبة لبعض القضايا المطروحة في عصره مثل قضية «انحطاط الإبداع» ورؤيته لها.
ثم تحدث الشاعر أحمد حسن عن تجربة صلاح النقدية والتي قال عنها إنها تجربة ليست بالحديثة، رغم عدم قدرة كثير من المبدعين على امتلاك أدوات الوعي الكافي اللازم لها.
وعن منجزه النقدي قال إنه يضم عددًا ضخمًا من الحوارات واللقاءات الإذاعية.
وأشار أن توقف صلاح عن الشعر لفترة كان بسبب أن مدرسة «أبولو» والتي كان ينتمي إليها لم تعد قادرة في تلك الفترة أن تقدم رؤى حديثة لما يدور حولها من متغيرات على الساحة الإبداعية المحلية والعالمية، لذا والحديث للشاعر أحمد حسن نجد أن عبد الصبور بعد التحامه بثقافة الجامعة والمثقفين الكبار الذين كانوا منكبين على قراءة كل جديد في الثقافة الغربية أدرك بأمانة المبدع أن عليه التوقف عن كتابة الشعر فترة ليقرأ ويتأمل، وقد نجح بالفعل بأن يفتح بين الشعر والنقد والمسرح والترجمة ممرات حوارية مدهشة.
وعن كتاب «الضمير المصري الحديث» تحدث الدكتور أنور مغيث موضحا سبب اختيار صلاح لكلمة «ضمير» في هذا العمل لأن من يقرأ هذا الكتاب سوف يدرك أنه إبحار في عقله ووجدانه، وسوف تر ى أيضا أنه انحاز بالفعل لكل ما يألفه.
وأضاف مغيث أن فترة صلاح عبد الصبور تعد من أكثر فترات حياتنا زخما فهو قيمة كبيرة في التاريخ العربي المعاصر يعرفه العرب جميعا كما يعرفه المصريون.
وعن تأثر صلاح بالغرب تحدثت الدكتور كرمة سامي التي نوّهت لأهمية اللغة العربية وأشارت أن الشاعر الذي يكتب العربية يضيف كثيرا.. وأنها كانت تقرأ الشعر الإنجليزي ولما قرأت الشعر العربي توقفت.
وعن «إليوت وماثيو أرنولد» قالت إن صلاح قرأ إليوت واستوعبه بل وتجاوزه.. ولكنه كان أكثر تأثرا بأرنولد الناقد.
وقد وصفته كرمة «بالملهم» المفكر.. كتب ما يريد وما يؤمن به، فهو بكل تأكيد تجربة شعرية فريدة،
ثم جاءت الأمسية الأخيرة للشهادات والقراءات الشعرية.
بدأها الشاعر أحمد سويلم الذي تحدث عن صلاح عبد الصبور الذي قاد كما قال حركة التجديد الشعري في مصر فنجده يضع عينا على الذات الإنسانية وأخرى على الواقع المتعدد وتحمل سخرية كارهي التجديد ويمهد مع رفاقه طريق جديد للشعر، فكان جيلا عاشقا لتراثه ولكنه انتقى رؤية جديدة للشعر.
وأضاف سويلم أن صلاح لم يكن مثقفا عربيا وحسب، ولكن ثقف نفسه بثقافة عالمية أيضا وهضم كل ذلك ليغذي به قصيدته الجديدة.
فنجده كتب الشعر والدراسات النقدية والشعر المسرحي، فتجربته تتميز بالثراء والتجدد.
وأضاف أن صلاح كان على وعي أن يكون للأجيال بعده نموذج إنساني فريد يمتلك شخصية أثيرة تدخل القلوب مباشرة.
وعن الأجيال الجديدة قال سويلم إن صلاح احتضنها فكان مشجعا وموجها حتى صار لكل شاعر موقف إنساني كريم معه.
وعن تأثير شعر صلاح عبد الصبور على جيله وعن الشعراء الجدد قال الأستاذ محمد بغدادي إنه بعد قراءة شعر صلاح فقد تغير أسلوب وشكل قصيدته التي يكتبها.. وقد أدرك بغدادي ذلك بعد أن رأى ديوانا لصلاح عبد الصبور على مكتبه، وكان ديوان «أقول لكم»، وعن مدارس تلك الفترة في الشعر قال بغدادي إن تلك الفترة كانت هناك مدرستان: مدرسة الفن من أجل الحياة ومدرسة الفن في سبيل الحياة فاختار صلاح مدرسة الفن من أجل الحياة.
وعن مسرحه الشعري ومسرحياته الخمس قال إن صلاح انحاز للفقراء فيها وغلب على شعره فيها الطابع الدرامي وقدم عالما أطلق عليه «الحزن المأساوي».
وعن علاقته بصلاح عبد الصبور وبدايتها تحدث الدكتور محمد بدوي والذي قال إن بداية التعارف كانت فترة عمله في مجلة «فصول» من قبل رئيس تحريرها الذي عرفه بصلاح وقتها، وكان يتعرض لحروب طاحنة في تلك الفترة ممن يسمون شعراء السبعينيات والذي كان تياره معاديا تماما لهم، فقررت ان تكون رسالة الماجستير الخاصة بي عن شعر صلاح عبد الصبور فقد كنت أرى أن هذا سيكون تحديا لهم وقتها، فلقد أدركت كما أدرك كل من قرأ شعر عبد الصبور أن شعره «محير» ويهتم بالبساطة ويخشى المجاز ويبتعد عن الإيقاع الصوتي الذي يسبب الهزة، لأن طبيعته وشعره كما قال كان أكثر تعقيدا من تلك الكثافة المدعاة فهو امتداد لخط قديم وأن شاعريته تقوم على أسس مغايرة تماما.
واضاف أن صلاح كان مشدودا إلى القلق الذي كان يسود في المجتمع فانحاز للمهمشين والفقراء.
*عن صفحة المجلس الأعلى للثقافة