مسودة أول نص تفاوضي لها
الصباح الجديد ـ متابعة:
ما إن بدأ السفراء لدى منظمة التجارة العالمية إجازتهم الصيفية، حتى وزعت كلوريا بيرالتا، سفيرة كوستاريكا ورئيسة مفاوضات الزراعة في المنظمة، مسودة أول نص تفاوضي لها، مشددة على أن المندوبين سيحتاجون إلى التحرك بسرعة لتقديم تنازلات وإحداث فرق في حياة الناس.
تم تصميم المسودة 27 صفحة وتغطي ثمانية مواضيع ، لتركيز انتباه المفاوضين على ما يمكن الاتفاق عليه في المؤتمر الوزاري المقبل للمنظمة من 30 تشرين الثاني إلى 3 كانون الأول ،أو خلال ثلاثة أشهر من عودتهم في أيلول. حتى الآن، الأعضاء منقسمون، كما هي الحال دائما، مع قليل من التقارب بعد شهور من العمل.
النص ليس وثيقة عامة. تم توزيعه كـ”وثيقة مقيدة”، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها رئيس بذلك منذ بدء المفاوضات الزراعية قبل أكثر من عقدين، عام 2000. لكن وثيقة “مقيدة” بين 164 عضوا، لن تبقى “مقيدة”.
تشير الوثيقة صراحة إلى أن أعضاء المنظمة وقادتها “قلقون بشأن التوقعات السلبية لنتائج المفاوضات خلال الأشهر المقبلة”. هذه العبارة تعكس جزئيا حقيقة أن عديدا من المقترحات المقدمة من قبل الأعضاء “مقيدة باعتراضات” أيضا.
يشير المحتوى إلى أنه “يمكن التوصل إلى اتفاقية نهائية واحدة أو اثنتين على الأكثر في المؤتمر الوزاري”. لكن آلان وولف نائب المدير العام السابق لمنظمة التجارة متشائم بشأن الآفاق، على الرغم من أنه يرى الزراعة على أنها مركزية لمفاوضات المنظمة.
كتب المسؤول السابق لمؤسسة بيترسون للاقتصاد الدولي PIIE رسالة “سبع صفحات” قال فيها “لا أتوقع التوصل إلى أي توافق رئيس في الآراء في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري على المستوى الذي تأمل إليه المنظمة.. ينبغي الوصول إلى برنامج عمل متفق عليه للزراعة. بصراحة، لقد طال انتظاره”.
يقول، فانجيليس فيتاليس، من نيوزيلندا، أحد أسلاف بيرالتا، “إنه في بعض الأحيان يكون الاتفاق ممكنا، على الرغم من اختلافات توحي عدم إمكانية التوفيق بينها”.
بالاعتماد على خبرته كرئيس للمفاوضات الزراعية في 2015 والانفراج المفاجئ في إلغاء دعم الصادرات في مؤتمر نيروبي الوزاري ذلك العام، غرد قائلا “لا أستطيع التكهن، الشيء الوحيد الذي يقال في هذا الوضع الصعب إن المثابرة والاعتقاد بأن لا شيء مستحيل أمر حيوي، ولا سيما في الزراعة حيث الوضع حرج”.
بينما تقول، بيرالتا، “إن مسودتها تقييم صادق لما يمكن أن يكون ممكنا، هي ليست نصا مثاليا ولا يعكس جميع الآراء، فهذا مستحيل”.
تضيف في مخاطبتها الأعضاء “النص هو أداة للتعامل بين بعضكم بعضا في تبادل بناء. هو لا يستجيب لجميع مطالبكم واهتماماتكم، لكنه يحاول أن يأخذ في الحسبان جميع الآراء التي تم التعبير عنها ورسم طريق للمضي قدما”.
في تعبير يائس، تشير إلى أن النص “يوجه عملنا المستقبلي ويضع علامات لما نرغب في تحقيقه معا، بما في ذلك المؤتمرات الوزارية اللاحقة”. ربما يعني ذلك أن النص هو برنامج عمل، أكثر منه نص قابل للتوقيع.
الموضوعات التي يتم تناولها هي: الدعم المحلي، الوصول إلى الأسواق، المنافسة التصديرية “تعبير يخفي وراءه دعم الصادرات”، قيود التصدير، القطن، آلية الحماية الخاصة، الأسهم العامة “تعبير يشير إلى شراء منتجات بأسعار تحددها الحكومة”، والشفافية. من أهم هذه المواضيع:
الدعم المحلي
يفترض أن يكون هذا الموضوع ذا أولوية، حيث يأمل عدد من الأعضاء الوصول إلى اتفاق في المؤتمر الوزاري. لكن، بيرالتا أقرت بأن صفقة هذا العام بعيدة المنال، حيث يستمر الأعضاء في الاختلاف حول كيفية معالجة الدعم المشوه للتجارة “الدعم الذي يؤثر في الأسعار والإنتاج”، وأضافت أنها “تبحث عن خطوة وسيطة مفيدة إلى الأمام”، وحثت الأعضاء على اللقاء في منتصف الطريق.
تقول بعض الدول مثل الولايات المتحدة “إن حل الدعم المحلي للزراعة وحده لا يكفي. تريد واشنطن ، هي أكبر داعم لقطاعها الزراعي، حسب حصص المنظمة ،موازنة الدعم بصفقة “تخفيض رسوم الاستيراد وتوسيع حصص التعريفة الجمركية”. هذا جعل المحادثات أكثر صعوبة وزاد من تعقيد التفاوض على الدعم المحلي.
من أجل الوصول إلى الأسواق، يقترح نص رئيسة المفاوضات أن يلتزم الأعضاء بتخفيض الحواجز الجمركية وزيادة وصول السلع الزراعية إلى الأسواق بشكل كبير “في غضون عشرة أعوام”، على أن تبدأ المفاوضات بهذا الشأن “في موعد لا يتجاوز 2022”. لتحقيق هذا الهدف، سيتفاوض الأعضاء بشأن ضوابط جديدة في المؤتمر الوزاري الـ13 في 2023.
يشترط النص أن تكون مساهمة الأعضاء في هذه التخفيضات متناسبة مع مستوى الأعضاء من حواجز التعريفات، وامتيازات الوصول إلى الأسواق، وكذلك أنماط مشاركتهم وتأثيرهم المحتمل في أسواق الزراعة العالمية، مع مراعاة احتياجات الأعضاء الفردية. وأن يظهر الأعضاء أقصى درجات ضبط النفس في استخدام الحواجز غير الجمركية من أجل الحفاظ على شروط الوصول إلى الأسواق وعدم تقويض الامتيازات المستقبلية.
في نقطة جديدة لم تطرح سابقا في المفاوضات الزراعية، دعا النص إلى تحويل الرسوم المحددة “مثل الدولار للطن” والتعريفات الأكثر تعقيدا إلى نسب مئوية من السعر “مكافئ الرسوم حسب القيمة”، بهدف هيكلة التخفيضات الجمركية المتفق عليها “التزامات التعريفة الجمركية في منظمة التجارة هي على شكل سقوف ملزمة قانونا”.
منافسة التصدير
كلام منظمة التجارة عن هذا المصطلح أنه “سياسات قد تحتوي على دعم خفي للصادرات”، ولا سيما من خلال مشاركة الحكومة في ضمان ائتمان الصادرات والمعونة الغذائية والمؤسسات التجارية الحكومية. منذ أن وافق الأعضاء على إلغاء دعم الصادرات الزراعية في 2015، تحولت المهمة هنا إلى الشفافية في مجالات العمل الحكومي.
ومنذ البداية، كانت هذه مشكلة كبيرة للدول المستوردة، زادتها جائحة كوفيد – 19 خطورة. يعتمد النص على مقترحين: إعفاء برنامج الغذاء العالمي من قيود التصدير، وتعزيز الشفافية من أجل الحد من تقلبات السوق.
ويتناول النص بشكل أساس الشفافية والدعم المحلي المشوه للتجارة. تريد مجموعة “القطن – 4”، “بنين، بوركينا فاسو، تشاد، مالي”، أن تكون تخفيضات الدعم المحلي للقطن أكثر حدة من الزراعة ككل.
تعد من أهم مواضع منظمة التجارة، لكن المفارقة أن ما جاء في النص غير شفاف. يهدف الاقتراح، على ما يبدو، إلى تحسين الشفافية من خلال تعزيز ما يطلب من الدول إخطاره للمنظمة. هذا هو المبدأ المركزي لمنظمة التجارة التي تقول لا يمكن تنفيذ الاتفاقيات ما لم يقدم الأعضاء المعلومات حول ما يفعلونه بموجب الاتفاقيات، ولا يمكن لعضو معرفة إذا ما كان الأعضاء الآخرون يطبقون القواعد المتفق عليها بشكل صحيح من دون مشاركة المعلومات.
لكن موضوع الشفافية يثير أيضا القلق الذي أعرب عنه عديد من الدول النامية بشأن العبء المتزايد على عاتقها للإبلاغ عن نشاطاتها التجارية. يمكن سماع النقاش ذاته بشكل عام حول الشفافية في جميع المجالات في عمل منظمة التجارة العالمية.