ثورة العشرين.. عنوان وعنفوان

هاشم مهدي السوداني*

ثورة العشرين ,الثورة العراقية ضد البريطانيين أو الثورة العراقية الكبرى شهد العراق في سنوات قبل الحرب العالمية الاولى (1914-1918م ) حراكاً سياسياً في أوساط المثقفين والعاملين في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية , كان العراقيون عموماً سواء كانوا من العرب ام من الكر داو من القوميات الاخرى قد وقفوا ضد الهيمنة العثمانية وسعوا للخلاص من صبغة الحكم المركزي المباشر المفروض على البلاد الذي كان يتبعه العثمانيين والذي خلق مشاكل اجتماعية واقتصادية كثيرة ادت الى تدهور الواقع الحياتي فضلاً عن الفساد الاداري والمالي الذي عاشه العراق بسبب هذا الوجود حيث الاستعمار العثماني المفروض على العراق وباقي الدول العربية وسعى هذا الاستعمار لسياسة التتريك , واثناء الحرب حدثت معارك دامية على ارضنا بين القوات العثمانية والقوات البريطانية انتهت بخسارة الاتراك في هذه الحرب …
من ذلك عزز الاستعمار البريطاني من قواته باحتلال بلدنا ويستمر النضال ضد هذه القوات الاستعمارية الجديدة الغازية وقد جلبت هذه المعارك باضافة مشكلات اخرى عديدة اضافة الى الوضع المربك للحالة الاجتماعية في العراق ومن كافة النواحي , في حين كان الاستعمار البريطاني يرفع شعارات مطمئنة .. جئنا محررين لكم يا عراقيين ولكن واقع الحال يؤكد تكريس هذا الاستعمار الذي الذي فرض سطوته وتعامل بكل قسوة مع الاوساط العراقية لا سيما العشائرية ففي 25 حزيران 1920 قرر الحاكم العسكري البريطاني احتجاز الشيخ شعلان ابو الجون رئيس عشيرة الظوالم بعد مشادة وتحدي الى هذا الحاكم وتم ارساله الى السراي الحكومي في بلدة الرميثة , وقد طلب الشيخ من ابن عمه الشيخ غثيث الحرجان بارسال رجلاً من العشيرة لفك اسره وفعلاً نجح الثوار الذين تم ارسالهم وعادوا بالشيخ الى قبيلته وفي هذه الصدامات والقتال انظمت قبيلة شمر مع الثوار وقد تصدت الى هذا الاستعمار الغاشم وفي هذا الاثناء اجتمع رؤوساء العشائر في المشخاب في مضيف شيخ الفتله الحاج عبد الواحد سكر وقرروا البدء باعلان الثورة والتصدي الى الغزاة وقد تصدت هذه العشائر الثائرة على الاستعمار الذي اقر اتفاقية ( سان ريمو) و( سايكس بيكو) 1920 والذي وضعت العراق تحت الانتداب البريطاني وكانت هذه الاتفاقيات دون علم او موافقة العراق مما جعل الثوار يتصدون الى الانكليز الذين استخدموا المدفعية والسلاح الثقيل اضافة الى الطائرات التي قصفت معاقل الثوار كما ان المعارك العديدة مستمر ومنها معركة البواخر ومعركة الخضر والمعركة الاشرس ومعركة السماوه اضافة الى ثورة كربلاء والنجف وديالى , فيما ارسل المرجع الديني محمد تقي الشيرازي برسالة الى الشيخ الضاري المحمود في الفلوجة لنصرة اخوانه في الجنوب والفرات الاوسط والذي لم يتاخر بنجدة اخوانه وحدثت مشادة مع ممثل الاحتلال الذي قتله الشيخ الضاري واصبح المطلوب الاول الى البريطانيين لتستمر الثورة من جنوب العراق حتى شماله وغربه وشرقه ولم تقتصر المعارك على عشائر (الشيعة والسنة) بل التحقت المناطق الكردية بركب الثورة حتى اصبحت ثورة العشرين لكل العراقيين , ورغم الاسلحة البسيطة استطاع الثوار من اسقاط ست طائرات وقتل 500 من الغزاة , كما كلفت البريطانيين مبالغ طائلة قدرة ب (40 مليون باون) وقدم العراقيون مثال بالتضحية والفداء من اجل الوطن وقد اجبرت دماء الشهداء الحكومة الانكليزية على تغيير نهجها بالعراق رغم كل الاسلحة البسيطة لدى الثوار لكنهم قالوا كلمتهم وسجل التاريخ نخوة ابناء العراق وهم يتحدون كل انواع الظلم والاستبداد مهما بلغت التضحيات ومن ابرز نتائج الثورة اجبار المحتل بالعفو العام على جميع العراقيين لاسيما اهل الرميثة والشامية والدغارة وتوقف جميع الحركات العسكرية واطلاق سراح جميع المعتقلين , كما اجبر المحتل على تغيير نهجه وتعامله بالعراق وفي عام 1921 تم عقد مؤتمر القاهرة 1921 واسفر عن تنصيب الملك فيصل بن الحسين ملكاً على العراق وكانت نتائج المؤتمر مرضية , وتبقى الحقيقة الساطعة للتاريخ ان الانكليز لم يدخلوا العراق دون قتال بل واجهوهم بثورة عارمة من ثوار العراق كافة والذين رفضوا ان يكون بلدنا لقمة سائغة للمستعمر بل كان التحدي والتضحيات التي اركعت الاستعمار بتنفيذ طلبات الثوار .
ودارت عجلة التاريخ وياتي زمن جديد لتقع بغداد والبلاد تحت وطأت الاحتلال عام 2003 من نفس المستعمر الذي جاء هذه المره بطبيعه امريكية وكما هي العادة ظل العراق وحيداً مدافعاً عن كرامة شعبه وبلاده متحدياً الاستعمار الجديد باجيال نذرت نفسها للوطن ليعود بلدنا الحبيب اقوى بشعبه الصامد المكافح ويبقى عراقنا بكل طوائفه وقومياته ينشد ويضحي من اجل عراق ديمقراطي منتصر وتبقى ثورة العشرين عند ابناء العراق نبراساً يهتدي به ابطال العراق حتى يومنا هذا وتستمر انشودة الثوار وهم يرددون ( الطوب احسن لو مكواري ) لتبقى عنوان عز وفخر وتحدي للغزاة منذ بداية القرن العشرين … ليعلم المحتل ان احفاد هؤلاء الثوار لا ولم يناموا على ضيم وستدق الساعة لينقضوا على الخونة والسراق الفسدة دواعش الفساد الذين عبثوا وسرقوا كل العراق وسيندمون يوم لا ينفع الندم … اليس الصبح بقريب

  • خبير قضائي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة