وداعاً ملاذنا الامن

اتصلت به ظهيرة يوم الجمعة الماضي وبدلا من اسمع صوته وهو يرد (هلو أبو زينب) جاء الرد تفضل قلت انا أريد استاذ سعدون جواد أبا نزار فقال أنا أبنه ماهر والدي تم نقله الى مستشفى اليرموك في حالة صحية صعبة جداً , صعقت ولم اعرف كيف ارد عليه واسرعت بنشر الخبر في (الكروب) الخاص بزملائي في صحيفة الملاعب .
وبعد ايام نزل خبر رحيلك عنا كالصاعقة وترك ألماً وحزناً كبيراً في نفوسنا ونحن نسمع صباح يوم الاثنين برحيل القامة الصحفية الكبيرة سعدون جواد متأثراً بفايروس كورونا اللعين الذي مازال يحصد ارواح الاحبة والاصدقاء والزملاء والمقربين دون هوادة الواحد تلو الاخر ولا حول ولا قوة لنا الا الدعاء إلى الرب الكريم بالشفاء العاجل لجميع مرضانا.
لم يكن معلمنا الكبير ابا نزار احد رواد الصحافة الرياضية فحسب، بل كان الصديق الوفي للجميع شبابا وكبارا وكان بالنسبة لي شخصيا ملاذي الامن الذي طالما كنت اتصل به عندما اشعر بأنني قد لحقني الظلم او الحيف في عملي وكنت اجده خير سند وعون لي وهو يرشدني ويعضني ويشد من ازري بكلماته الجميلة التي مازال صوتها يرن باذاني لتطييب خاطري.
تعرفت على معلمي ابا نزار بعد عام 2003 بعد ان كنت اسمع به ولم اراه او التقي به الا عبر صحيفة (الكرة) الأسبوعية التي اختصت باخبار كرة القدم فقط برفقة الزملاء محمد ابراهيم وعبد الوهاب النعيمي والراحل عباس العبد وكنت سعيدا جدا بالعمل معه لعدة اسباب منها اولا كان من جيل الرواد وكنت متشوقا للعمل معه كي اتعلم منه ما لم نعرفه في عالم الصحافة الرياضية لاسيما بعد ان كنا نقرأ لهم ما يكتبون من دون ان نراهم او نلتقي بهم . وكان معلمي ابا نزار كبيرا بمعنى الكلمة عبر التوجيه الصحيح والنصيحة السديدة التي ظلت ترافقنا في عملنا حتى يومنا هذا وكان دائما ما يثني على ما اكتبه من لقاءات مع نجوم الرياضة العراقية (مدربين او لاعبين) وانقطعت الاخبار بيننا بعد ان تم ايقاف اصدار صحيفة الكرة الأسبوعية لأسباب مالية .
وجمعتني الصدفة مع استاذي ومعلمي ابا نزار مرة اخرى من خلال صحيفة (الملاعب) وموعد عموده الاسبوعي تحت عنون (كل يوم اثنين) كان يأتي الى مقر جريدتنا مبكرا في بعض الاحيان ويبدأ بالسلام علينا الواحد تلو الاخر ولا فرق عنده بين الشباب والكبار، كان يثني على كل منا بكلمة جميلة يبعث من خلالها روح التألق والابداع لكتابة الأفضل، لم يكن كلامه مجرد اطراء حسب بل يقول لاحد الزملاء خبرك اعجبني لان فيه معلومة جديدة ويتحدث مع الاخر بأن عموده كان جميلا وجريئا في الطرح والتوجيه ويقول للاخر بأن لقائه مع المدرب او اللاعب كان رائعا في تفاصيله ثم ينهي حديثه بالقول بأن الصحافة الرياضية امانة بين اقلامكم وعليكم ان تكونوا حريصين على صيانتها عبر الكلمة الحقة.
رحيلك افجعنا يا معلمنا الكبير ونحن مازلنا في صدمة وغير مصدقين برحيلك عنا من دون وداع، بدورنا نقول لك نحن تلاميذك وزملائك سنكون عند حسن ظنك بنا وستبقى كلماتك وتوجيهاتك ونصائحك عنوانا لإبداعنا . نم قرير العين ابا نزار فأنت عند رب كريم لم يظلم عنده احد فكيف بك وانت البلسم الشافي لكل جراحاتنا والمعلم الكبير الذي ارشدنا الى سكة الطريق الصحيح في عالم الصحافة الرياضية.

حسين الشمري

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة