مسرحية انا سلمى ..تناقش عوالم المرأة الشرقية ومعاناتها في الغربة

المسرحي المغترب رياض محمد علي

حاوره سمير خليل:

كثير من الطاقات التي تبعثرت في بلاد الشتات، لم يسنح لها الوقت ان تنثر ابداعاتها في وطنها الام، حلقت صوب بلاد الغربة تحمل معها همومها وحنينها وابداعها.

 رياض محمد علي واحد من هؤلاء، فبعد ان كان طالبا متميزا في عروض اكاديمية الفنون الجميلة بداية ووسط سبعينيات القرن الماضي، لم يتسن له حال الكثيرين من ابناء جيله مواصلة الشوط الابداعي داخل العراق، لأنه اضطر الى مغادرته. عن مسيرته بعد مغادرة العراق يقول: بعد خروجي من العراق في عام1979 فقدت مثل الكثير من المثقفين والفنانين العراقيين بوصلة الحياة، ومعها القدرة على الاستمرار او التواصل مع الثقافة والفن بعيدا عن الوطن.

ويتابع: في اثناء اقامتي في الجزائر تم تأسيس (رابطة الفنانين والصحفيين والمثقفين العراقيين) والتي بدأنا من خلالها اعادة العمل بإنتاج ثقافة وفن بديل عن ثقافة النظام وقتها، وكان لي مع بعض المسرحيين بعض من الانتاجات المسرحية المتواضعة والتي كنا نقدمها في مقراتنا السكنية.

ويضيف: «بعد الهجرة الثانية واجبارنا على مغادرة الجزائر في عام 1988 واللجوء الى المانيا ذهلت بالإمكانيات الرائعة في مجال انتاج الفنون وطرق عرضها وتسويقها لجمهور يطلب المزيد باستمرار، البشر هنا يخصص جزء من دخله المادي في استهلاك الفنون والثقافة والادب لشعوره بالحاجة الروحية اليها،  احتضنتني مجموعة المانية مسرحية، فتحت لي الطريق للتعرف على ثقافة وفنون البلد، ومع الوقت وجدت في نفسي القدرة والثقة مرة اخرى بان اسهم ببعض الأنشطة، وأن اصعد مرة اخرى على خشبة المسرح بشكل احترافي، خاصة بعد ان عملت على تطوير ادواتي المسرحية بنحو علمي ومنهجي من خلال الدخول في ورشات تطوير الممثل، واصبحت عضوا في فرقة مسرح محترفة في مدينة (مانهايم)»

اول مشاركاته العملية كانت في مهرجان الاخوة الالماني النمساوي المسرحي، في عام 1990 حصل على وظيفة مع فريق مصممي الانارة في المسرح الوطني لمدينة (مانهايم)، ويقول: اكتسبت خبرة تقنية مهمة في هذا المجال، كانت لي مشاركة في تصميم وتنفيذ الانارة لمسرحية الفنان جواد الاسدي (الخادمتان) ضمن مهرجان الثقافة العراقية في المنفى عام 1990 في دار الثقافات العالمي وفي عام 1993 قمت بإخراج اول اعمالي المسرحية في مدينة (كولون) بعنوان (معكم وبدونكم).

ويتابع: عام 1994 قدمت مسرحية (بعيدا عن البيت) في مدينة (لودفيكسهافن) بتكليف من مؤسسة (الكاريتاس) الاجتماعية، كما كلفت من النقابات الالمانية بإنجاز فلم وثائقي خاص». تلى ذلك انجازي افلام وثائقية اخرى بتكليف من محطة التلفزيون المحلي وبعض الجمعيات الفنية والثقافية لمدينة (لودفيكسهافن) والمشاركة في مهرجان المسرح العراقي في المنفى بتكليف من البرلمان الاوربي في بلجيكا.

 قام بتصميم وتنفيذ الانارة لمسرحية  للراحل عوني كرومي ومسرحية اخرى للفنان فاضل السوداني، في عام  2010 الف واخرج مسرحية (تأجيل مستمر) بتكليف من مؤسسة (ألكاريتاس) ثم مسرحية (بدون المانيا) للكاتب ماجد الخطيب  ومسرحية (انا سلمى)،  وكل الاعمال المسرحية التي انجز اخراجها كانت باللغة الالمانية ماعدا المسرحية الاخيرة فكانت بنسختين المانية وعربية».

*كيف تم اختيارك لنص مسرحية انا سلمى؟ ما الذي حفزك لاختياره؟

-تم اختياري للنص المسرحي (امرأة وحيدة في البيت) للمؤلف المسرحي الإيطالي (داريو فو) لانها مسرحية ذات بناء درامي قوي ومن شخصية واحدة، وفيها الكثير من التحدي للمخرج والممثل. قمت بإعادة توليف للنص المسرحي لتصبح تلك المرأة المجبرة والمحتجزة في البيت باختيارها، وبخلفية معاناتها مع موضوعة الاندماج كمهاجرة عربية، وانا اعمل ومنذ مدة على اخراج اعمال تركز الضوء على مشكلات المرأة المعنّفة.

داريو فو الاديب والمؤلف المسرحي، المخرج، والرسام الايطالي الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 1997 والذي طور نظرية (المسرح الخفي) التي لا تعتمد على وجود صالة وخشبة للعرض المسرحي، بل كان يفاجأ الجمهور بعروضه المسرحية في الاجتماعات، ووسط الأسواق، والتجمعات، والشوارع. اسس مع زوجته الممثلة المسرحية والمناضلة ضد الفاشية (فرانكا رام) فرقتهم المسرحية التي قدمت الكثير من الاعمال التي كتبها واخرجها (داريو فو) ومثلتها زوجته (فرانكا رام).

يقول علي: «مسرحية (امرأة وحيدة في البيت) والتي اعطيتها اسم (أنا سلمى) قام بترجمتها الى العربية المؤلف المسرحي والمترجم (ماجد الخطيب) تتحدث عن امرأة من سورية وصلت الى أوروبا كسائحة، ومع بدء الحرب في سورية نتابع بتسلسل زمني كيف اصبحت مجبرة على البقاء، لتتحول بعدها من سائحة الى لاجئة، ولتصبح أسما معلق مثل الكثيرين غيرها على قوائم اللاجئين الطويلة والمفتوحة على المجهول. قمت وبالتعاون مع بطلة العمل سورية الاصل بنقل لغة النص المسرحي المترجم من العربية الفصحى الى اللهجة السورية، لان توليفة النص كانت تتحدث عن امرأة سورية تعيش في المانيا، ومتزوجة من رجل الماني والتي تعاني من غربة مزدوجة خارج البيت وداخله. لقد انجزت هذا العمل المسرحي بلغتين العربية والالمانية وقامت بالدور لشخصية (سلمى) الممثلة السورية روض ألخطيب والتي سبق لها العمل معي في مسرحية بيت النساء، اما تقديم مشاهد العمل باللغة الالمانية فقامت بأدائها الدور الممثلة الالمانية أليزابث ك».

*اين عرضت المسرحية لأول مرة واين ستعرض مستقبلا؟

-»المسرحية قدمت يوم الرابع عشر من ايلول المنصرم كعرض تجريبي باللغة العربية، وقدمت في اليوم الذي يليه باللغة الالمانية على خشبة مسرح المدرسة العليا للفنون في مدينة مانهايم الألمانية، وقد فوجئنا بحضور مشترك قوي من الجالية العربية الألمانية، والكثير من الجاليات الأجنبية، وكان الحضور النسائي طاغيا، نخطط لان نقوم بجولة في المدن الالمانية الكبيرة وبعض الدول الأوروبية ومتوجهين بذلك الى الجاليات العربية هناك، اما هدفنا الابعد فهو ان نتوجه بالسماح لنا بالاشتراك في مهرجان القاهرة المسرحي ومهرجان قرطاج المسرحي.»

* كيف تفاعل جمهور النظارة مع العرض؟ وهل كان من ضمن الحضور عرب او عراقيين؟

-»كان تفاعل الجمهور الذي حضر العرض التجريبي بلغتيه محفزا وثري جدا كون ان موضوعة المسرحية كانت موضوعة الساعة في المانيا واوروبا تناقش تفاصيل عوالم المرأة الشرقية ومعاناتها الشخصية والعامة، وخاصة في هذه الفترة من الزمن وتطورات الاحداث الكارثية التي تمر على منطقتنا وانعكاستها على المانيا خاصة والتي تأثرت بموضوعة الهجرة السورية والعربية الكثيفة اليها واصبحت موضوعة حقوق المرأة في الشرق من اهم مواضيع النقاش العام في الشارع الالماني».

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة