حذام يوسف طاهر
تماماً .. كما تحدّث الموجة ، ديوان للدكتور الشاعر والناقد علي حداد، صادر عن مؤسسة ثائر العصامي، في شارع المتنبي، بمئة وثلاث وعشرين صفحة، ضمنها عدداً من القصائد التي حولت المكان الى كيان يتحاور معه الشاعر وهو مأخوذ بالحياة، هذا الديوان هو السابع في اصداراته الأدبية، يقول عن هذا الكتاب الناقد علي حسن الفواز، بأن الدكتور علي حداد :» يضعنا أمام شاعرية المكان وما يفضي اليه، قصائد تتجوهر عند تلك الشعرية، تؤنسها ، تتخلقها مسكونة بالحكايات ، تلامس سرائر نسقها، تهبها شغف الاستعادة والتشهي ، المكان اليمني، هو الثغرة الدافقة، هو الاستعارة الكبرى التي اتكأ عليها الدكتور علي حداد ، وكأنه يحاول عبر أسطرة ما يوحي به أختصر عوالم المعيش والمجاورة الى زمن شعري له دهشة الانحسار وخفة النفور وغواية الاعتراف، قصائد مسكونة بالحياة، تتقصى الغيبة بوصفه حضورا، تستنطق سرائر المكان الاليف تبجله وترمم خرائبه وتهجس لأرواحه بأناشيد فائقة العذوبة، لم يقع الدكتور علي حداد في هذه القصائد تحت وطأة الذكرى بل وجد نفسه يكتب تاريخا شخصيا له، تتضح فيه ملامح الأشياء والتفاصيل واليوميات والأصدقاء الراحلين العالقين كثيرا بالحياة والطبيعة، لتتبدى رؤيته مكشوفة امام لعبة باهرة فيها الكثير من الوضوح والتواصل، والقريبة من لذة من يدون سيرته ، او يفتح قميصه لريح طيبة ..».
الديوان تميز بوفاء الشاعر لذاكرة المكان والزمان والانسان، فهو في العديد من نصوصه الشعرية التي ضمها الديوان، يناغي أصدقاءه الراحلين، وكأنه يعاتبهم على رحيلهم الذي يراه الشاعر مبكرا، والحقيقة مهما ابتعد موعد الرحيل سنراه مبكرا جدا على اصدقائنا، ففي احدى قصائده التي أهداها الى روح الشاعر الدكتور محمد علي الخفاجي يخاطب القارئ قائلا :» لا تثق بالموت .. فهو لا يقرأ الشعر !، ويؤكد انه وعد الراحل أن يكتب عن آخر اعماله لا أن يرثيه !.
في قصيدته (واسط)، يستعرض جمال هذه المدينة تلك التحفة التي ضمت الف حكاية وحكاية، فيشخص ملامحها كام لنا كما يقول في احد مقاطعها :
واسط ام لنا .. ولدتنا على طبق من ترانيم فلاحة
علمتها المساءات ان الطفولة رهن الحكايات ..
الى آخر القصيدة، هو يتحدث عن اسرار هذه المدينة، سرها في التراب وفي الغياب، سرها في الشباب الذين مشوا باكرا نحو موت طري، في جميع نصوصه، يركز الدكتور علي الحداد على سر المكان، الذي تولد منه اسرار الأطفال والمراهقين والنساء، فهو صنع من نصوصه نصب لمدن عراقية وعربية وعالمية، وكأنه يقول ان حكاية كل هذه المدن واحدة، وسرها واحد، فما بين بغداد وواسط، وفارونيش (مدينة روسية)، وصنعاء وعدن وتعز، حبل سري، يتجسد بطاقة الانسان، والمه ومعاناته، نلاحظ ان عدد كبير من نصوص هذا الديوان (تماما.. كما تحدث الموجة الموجة) كتبها الدكتور علي حداد في اليمن وتحديدا في صنعاء.
وهنا .. لابد من التذكير بأن الناقد الشاعر الدكتور علي حداد، رئيس رابطة دراسات الثقافة الشعبية في اتحاد الادباء والكتاب العراقيين، ورئيس تحرير مجلة ( المورد ) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية، صدرت له العديد من الدراسات الأدبية والنقدية، والعديد من المجاميع الشعرية منها شجر الكلمات 1998 ، أنا للعنا 2003 ثمة من يقف وحيدا على حافة الوقت وهي نصوص مونودراما 2009 ، ومجموعة قصصية للأطفال عام 2014 حملت عنوان لماذا رحلت الينابيع الى الجبال البعيدة، إضافة الى مجموعة من الدراسات الأدبية والنقدية منها ( أثر التراث في الشعر العراقي الحديث1986، بدر شاكر السياب قراءة أخرى عمان 1998، الخطاب الاخر ابجدية الشاعر ناقدا دمشق 2000، اليد والبراعم/ دراسات في أدب الطفل صنعاء 2001، النص وأسراره انتاج قرائي في نصوص يمنية حديثة صنعاء 2002، رائد الرومانسية في اليمن علي محمد لقمان صنعاء 2004، وديوان الطفل في الادب الشعبي اليمني عدن 2006، ومنطق النخل/ استدعاءات قرائية في الشعر العراقي الحديث دمشق 2009.