د. ليلى الدليمي
إن الكوتا (الحصص المخصصة) والتي هي أداة قانونية تهدف إلى تعزيز التمثيل السياسي والاجتماعي للفئات المهمشة، مثل النساء والأقليات، إذ اعتمد الدستور العراقي لعام 2005 هذا المبدأ لضمان مشاركة عادلة في ظل التنوع المجتمعي والسياسي. ولكن لو تسألنا، هل حققت الكوتا الغاية المرجوة من قبل المشرّع العراقي؟
قبل أن نجيب عن هذا التساؤل، لابد أن نعرج قليلاً على الهدف الرئيس لتطبيق هذا النظام.
لقد نصَّ الدستور العراقي في المادة (49) على تخصيص نسبة 25% من مقاعد البرلمان للنساء، إلى جانب تخصيص مقاعد لمكونات مثل المسيحيين والإيزيديين. إذ أن الهدف الأساس كان تعزيز مشاركة هذه الفئات في صنع القرار وتأكيد حقوقها في النظام الديمقراطي.
وعلى الرغم من تحقيق الكوتا تمثيلًا رقميًا، إلا أن التطبيق كشف عن تحديات أثرت في جودته فيما يخص الكوتا النسائية إذ حققت النساء نسبة تمثيل برلماني مرتفع، لكنها ظلت محدودة التأثير بسبب سيطرة الأحزاب، حيث غالبًا ما تُختار النائبات وفق الولاءات السياسية لا الكفاءة.
أما كوتا الأقليات فقد سمحت بوجود ممثلين للأقليات، لكنها أحيانًا أصبحت وسيلة للأحزاب الكبرى للهيمنة على القرارات عبر ممثلين صوريين.
وهنا برزت تحديات رئيسة في هذا الصدد تتمثل بهيمنة الأحزاب السياسية التي حولت الكوتا إلى أداة لتعزيز المحاصصة، ما أفقدها دورها التمكيني. وأيضاً النظرة المجتمعية، إذ ما زالت الكوتا تُعد “مجاملة قانونية” بدل أن تُعكس كحق أساس، فضلاً عن ذلك ضعف التأهيل لبعض من وصلوا عبر الكوتا، إذ أنهم يفتقرون إلى الخبرة والكفاءة السياسية.
وهنا يبرز لدينا تساؤل هل حققت الكوتا أهدافها؟
فعلى الرغم من تحقيق تمثيل عددي، إلا أن الكوتا لم تحقق تمكينًا نوعيًا للفئات المستهدفة. الهدف المتمثل في مشاركة فعالة ومستقلة ما زال بحاجة إلى إصلاحات تضمن استقلالية الممثلين وتعزيز أدائهم.
ومع كل ما تقدم فإن الكوتا خطوة ضرورية لكنها ليست كافية. لضمان تحقيق الغاية المنشودة، يجب إصلاح النظام السياسي وتقوية الثقافة المجتمعية بما يعزز من تمكين النساء والأقليات ويحقق العدالة في صنع القرار.