الصباح الجديد ــ متابعة :
أفادت وثائق سرية مسربة حصل عليها أكاديمي ألماني معروف بسعي الحكومة الصينية لفرض تغييرات ثقافية وديموغرافية بحق عرقية الإيغور المسلمة والتي تشكل أغلبية السكان بإقليم شينجيانغ في شمال غربي البلاد.
وأوضحت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن تلك الوثائق التي حصل عليها الأكاديمي الألماني، أدريان زينز، قد تضمنت تعليمات من قيادات الحزب الشيوعي الحاكم إلى إعادة تثقيف الإيغور وإعادة توطينهم لتصحيح عدم التوازن بين أقلية الأيغور وعرقية الهان (الأكبر في البلاد) في شينجيانغ.
وأوضح زينز أن الوثائق المصنفة السرية والسرية للغاية تحمل أهمية كبيرة لأنها تظهر روابط متعددة بين مطالب القيادة الصينية في العام 2014 وما حدث لاحقًا في شينجيانغ “بما في ذلك الاعتقال الجماعي في معسكرات إعادة التعليم، والعمالة القسرية، وجلب أعداد متزايدة من قومية الهان للاستيطان في الإقليم ذي الغالبية المسلمة.
ويرى الباحث الألماني أن الوثائق تظهر نية القيادة على المدى الطويل لارتكاب إبادة ثقافية لغرض محدد هو حماية سيطرة الحزب الشيوعي الصيني على الإقليم الذي ضمته بكين بشكل نهائي في العام 1949.
وكان قد جرى تسليم تلك الوثائق كاملة على شكل ملفات رقمية إلى محكمة الأيغور، وهي محكمة مستقلة مقرها المملكة المتحدة، في سبتمبر، ولكن لم يجر نشرها بالكامل للحفاظ على أمن وسلامة الجهات التي تقف وراء تسريبها.
ولفت زينز إلى أن صحيفة نيويورك تايمز قد استندت إلى بعض تلك الوئاثق في تقرير خاص بها نشرته في العام 2019، موضحا أن التسريبات الجديدة تشمل معلومات جديدة يكشف عنها النقاب لأول مرة.
ففي أواخر العام 2016، قبل تنفيذ مجموعة من الإجراءات غير المسبوقة في شينجيانغ، جرى تسليم طلبات قادة الحزب الشيوعي إلى كوادره في الإقليم، باعتبارها مواد بحثية مهمة يجب دراستها وإعداد الطرق المناسبة لتطبيقها على أرض الواقع.
وكان الرئيس الصيني، شي جين بينغ قد أكد في خطاب ألقاه في العام 2014 أن مبادرة الحزام والطريق (مشروع السياسة الخارجية الخاص به)، تتطلب بيئة أمنية محلية مستقرة، لافتا إلى أن الأمن القومي للبلاد بأكملها وتحقيق الأهداف الرئيسية للصين في القرن الحادي والعشرين سيكونان في خطر إذا لم تتم السيطرة على الوضع في جنوب شينجيانغ.
وجاء الخطاب بعد أسابيع من دعوة شي إلى “بذل جهود شاملة” لاعتقال الذين قتلوا 31 شخصًا وجرحوا أكثر من 140 بالسكاكين والمناجل في عملية قتل دامية في مدينة كونمينغ الجنوبية الغربية في 1 مارس من العام 2016، وقتها ألقت بكين باللوم على انفصاليي شينجيانغ في الهجوم.
“ضربة ساحقة”
وطالب شي في خطابه بأن تنخرط المنطقة في معركة شاملة “لمنع الأنشطة الإرهابية العنيفة في شينجيانغ من الانتشار إلى بقية الصين”، مجادلا بأن “الاستقرار في جميع أنحاء شينجيانغ وحتى في جميع أنحاء البلاد يعتمد على شينجيانغ”، داعيا إلى “ضربة ساحقة استباقية”.
ويشير إلى أنه نظرًا لأن أعمال العنف قد انتشرت بالفعل في مناطق أخرى من الصين، “لذلك فإننا نقترح أن شينجيانغ تمر حاليًا فترة مؤلمة من العلاج التدخلي”. ويقول إن المتطرفين الدينيين “شياطين يقتلون بسهولة دون أن ترمش أعينهم”.
كما حذر من أن “التطرف الديني” هو “مخدر قوي”، ويدعو إلى الإصلاح من خلال التعليم، بدلاً من ممارسة الاعتقال والإفراج لاحقا، في إشارة إلى معسكرات إعادة التثقيف والاحتجاز.
وفي وثيقة أخرى، أمر سكرتير الحزب الشيوعي في شينجيانغ، تشين تشوانغو، المسؤولين شخصيًا “باعتقال كل من يجب اعتقالهم” قائلا إن مرافق إعادة التعليم المهني في المنطقة يجب “تشغيلها بثبات لفترة طويلة”.
وفي إحدى الوثائق يقول شي إن “نسبة السكان وأمن السكان أسس مهمة لتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل”، وقد جرى نقل هذا البيان حرفيا من قبل مسؤول كبير في شينجيانغ في يوليو 2020 والذي شدد على نسبة السكان من عرقية الهان قد أصبحت “منخفضة جدا” في الإقليم.
وأشارت وثائق سرية أخرى إلى وجود “اختلالات حادة في الديمغرافي للسكان وسيطرة أحادية لأقلية الأيغور) في جنوب شينجيانغ، لافتة إلى من كان المفترض نقل أكثر من 300 ألف مستوطن من عرقية الهان إلى الإقليم بحلول العام الحالي وذلك لعمل لصالح شركة شينجيانغ للبناء والمقاولات، والمعروفة أيضًا باسم “بينغتوان”، وهي كيان شبه عسكري يهدف صراحة وهو زيادة أعداد العمال وأسرهم من الهان.
وبحسب الوثائق فقد أمر شي بإلغاء سياسات تحديد النسل التفضيلية للمجموعات العرقية في الإقليم والتي كانت تسمح لهم سابقًا بإنجاب عدد أكبر من الأطفال من الهان، مشددا على أن تخضع أقلية الأيغور إلى نسب الحصص الممنوحة لبقية العرقيات في البلاد.
وتشير التقارير الحكومية إلى أنه في فبراير 2017، قبل أسابيع فقط من بدء حملة الاعتقال، خضع كبار المسؤولين في المحافظات والمقاطعات بالإقليم لجدول دراسة مكثف لاثنين من خطابات شي لمدة ساعتين على الأقل كل أسبوع.
وفي المقابل، رفضت مصادر حكومية صينية ما كشف عنه زينز متهمة إياه بأنه “صوت مسيحي أصولي يسعى إلى تدمير الشيوعية الصينية وأن بكين قد فرضت عليها عقوبات في السابق.
وأكدت تلك المصادر، أن “الحريات السياسية والاقتصادية والدينية في منطقة شينجيانغ مصانة بالكامل”.